لن تنسي الولايات المتحدة الأمريكية هزيمة مخططاتها في ٣٠ يونيو. قد تتخذ خطوة هنا أو هناك للحفاظ علي مصالحها، لكنها ستظل تذكر اللطمة التي وجهها شعب مصر لسياستها الحمقاء في ٣٠ يونيو، حين اسقط حكم الإخوان الفاشي الذي راهنت عليه واشنطون لتحكم مصر من خلاله وتهيمن علي شئون المنطقة من خلال هيمنتها علي سياسة القاهرة.
ومهما كانت «النجاحات!!» التي تحققها سياسة واشنطن في تمزيق المنطقة واغراقها في الفوضي، فستظل بحسرتها لان «الجائزة الكبري»أفلتت منها حين هبت الملايين في ٣٠ يونيو لتنقذ مصر وتتصدي للمؤامرة وتستعيد القاهرة كنقطة ارتكاز للصمود العربي في وجه أخطر مخططات تقسيم المنطقة واذلال العرب والهيمنة علي حاضرهم ومستقبلهم.
وإذا كانت الظروف تجبر واشنطون علي التراجع في بعض المواقف، فعلينا نحن أن نتذكر أن هدف التآمر ومحور التحالف الأمريكي مع الإخوان لم يكن فقط للهيمنة علي الدولة والاستيلاء علي الحكم.. بل كان في الأساس هو تفكيك الدولة والقضاء علي جيش مصر الوطني.. تماما كما فعلوا في العراق الذي تم تدميره، وفي سوريا التي تنهار أمام عيوننا وغيرهما من الدول العربية، حتي لا تبقي هناك قوة عسكرية قادرة علي صد المؤامرة وحماية الشعب وضرب الإرهاب.
ولعلنا نذكر هنا كيف اغمضت واشنطون عيونها، بينما «الإخوان» يحولون سيناء إلي مستوطنة لجماعات الارهاب بقيادة الإخوان وتحت اشرافهم!!
ولعلنا نتذكر أيضا كيف تركت واشنطون حلفاءها من جماعة «الإخوان» يستعينون بايران ويستقبلون قادة الحرس الثوري لكي يساعدهم في تكرار التجربة في مصر، وخلق جيش مواز استعدادا لصدام توقعوه مع الشعب، ولانحياز لاشك فيه من جيش مصر الوطني لارادة الشعب كما كان الأمر دائما في مصر عبر تاريخها الحديث.
ولم تكن الأحكام القضائية الأخيرة ضد قيادات الإخوان إلا مناسبة لاظهار الموقف الحقيقي لواشنطون ولتحريك ادواتها في المنطقة، ولشحن بطاريات «الإخوان» التي نفدت طاقتها. انهم يكررون تجربة عرفناها بعد ثورة يوليو ١٩٥٢، وربما بنفس التفاصيل.. الحصار ورفض تسليح الجيش ليواجه المخاطر. محاولة فرض التبعية ورفض أن يكون لمصر قرارها المستقل. التحالف مع «الإخوان» وقوي الماضي لضرب الثورة. اختراع نظرية «الفراغ» الذي يسود المنطقة العربية والذي ينبغي أن تملؤه أمريكا ومن تختاره من العملاء!! العداء للعروبة ورفض أي خطوة توحد كلمة العرب وممارسة الضغوط لزرع الخلافات بين الدول العربية. حدث ذلك قبل ستين عاما، وتكرره واشنطون اليوم. لكننا تعلمنا بعد أن دفعنا غاليا ثمن التبعية و٩٩٪ من أوراق اللعبة في يد أمريكا، وبعد أن أدركنا أنه لا تنمية في الداخل إلا بالاستقلال، ولا نجاة للعرب إلا بالوحدة.
كان أوباما صادقا بعد ٣٠ يونيو حين قال إن العلاقات بين مصر وأمريكا لن تعود كما كانت من قبل. وكان الرئيس السيسي أكثر صدقا حين قال إن مصر لن تنسي من وقف معها في الأزمة ومن وقف ضدها.. لن تنسي، ولن تغفر!!