رغم تقديري وتفهمي لمشاعر التوجس من استخدام بعض مواد قانون الإرهاب الذي طالما طالبنا بإصداره.. إلا انني أعترض علي هذه الضجة المفتعلة والمثارة التي تعكس عدم الثقة تجاه موقف الدولة من حرية الصحافة نتيجة عدم التزام بعض الزملاء الصحفيين بمتطلبات الحفاظ علي الأمن القومي الوطني.
بداية لابد أن يوضع في الاعتبار.. الصالح الوطني قبل أي شيء آخر. يأتي في صدارة هذا الصالح الوطني أرواح المواطنين والحفاظ علي أمن واستقرار الوطن وتجنب التأثير السلبي علي الروح المعنوية للشعب بما يؤدي إلي الشعور بالاحباط في مواجهة اخطار الإرهاب.
يجب  أ لا يكون مسموحا في نفس الوقت بأن يوضع خطورة ما قد ينشر عن طريق مصادر مريبة وغير موثوق بها في كفة واحدة مع اغراءات الاستجابة مع تأثيرات الجنوح لنزعة الجري وراء السبق الصحفي.
قد يكون البحث عن هذا السبق الصحفي مقبولا في الأخبار والأحداث العادية ولكنه غير مقبول علي الاطلاق فيما يتعلق بالأمور العسكرية التي تمس الأمن القومي. هذا المطب وللأسف وقعت فيه الصحافة المصرية من خلال مواقعها الالكترونية في متابعتها للهجمات الارهابية الفاشلة التي شاهدتها ارض سيناء.. وهو ما أتاح للإعلام المحلي والدولي تداوله نقلا عنها.
هذا الذي حدث من جانب الإعلام المصري تناولته بالتعليق في مقالي يوم الجمعة الماضي بعنوان: «ما يجري بسيناء .. حرب حقيقية النصر فيها.. للتوحد واليقظة» بعد ٤٨ ساعة من المعركة التي خاضتها قواتنا المسلحة الباسلة ضد الهجمات الإرهابية الغادرة. هذا الخطأ غير المقصود لوسائل اعلامنا استشعر الجميع وقعه السيء علي الساحة المصرية وهو ما لا يمكن تبرير الوقوع فيه بأي حال بحكاية التأخير في اصدار قواتنا المسلحة لبيانها الرسمي. مهما كان هذا واقعا علي أساس أن الخطأ لا يبرر الخطأ.
إن ما يؤكد أهمية وضرورة التريث في النشر في مثل هذه الحالات الاستثنائية أن المعلومات الصحيحة التي تضمنها بيان القوات المسلحة كانت علي عكس المعلومات والأرقام التي تم اذاعتها عن الخسائر وما قامت به المجموعات الإرهابية التي تم تصفية غالبية أعضائها.
إن الإعلام مطالب في متابعته لهذه الأمور بأن يكون علي أعلي درجة من الوعي والحرفنة المهنية. إن ما جاء في قانون الإرهاب حول التناول الإعلامي للعمليات العسكرية يتوافق تماما مع ما تقضي به القوانين العسكرية المطبقة ليس في مصر وحدها ولكن في كل دول العالم استجابة لمتطلبات الحفاظ علي الأمن القومي. وفي هذا الإطار فإن احدا لا يمكن أن ينكر حق نقابة الصحفيين في ابداء رأيها بكل الحرية دفاعا عما تراه يمس حرية الصحفيين حول هذا الأمر.. ولكن فإن من حقنا أيضا كصحفيين ان نسألها عن مبررات غياب دورها في حماية أقلامنا من العدوان ابان حكم جماعة الإرهاب الإخواني.. للأسف فإن الذين كانوا يقومون بهذا العدوان  هم زملاء لنا تنفيذا لتعليمات زبانية جماعة الإرهاب الإخواني الذين لم تكن لهم علاقة بالصحافة أو الإعلام من قريب أو بعيد.
 كم كنت ارجو أن يأتي اعتراض نقابة الصحفيين علي بعض مواد قانون الإرهاب متسما بالهدوء مع الاعتماد علي تكثيف الاتصالات بالدولة لنقل وجهة نظرها علي أساس من التفهم والتقدير الكاملين لاخطار الإرهاب التي تحيق بنا وبالوطن. كان واجبا علي نقابة الصحفيين ان تدرك أنها تتحمل مسئولية العمل علي رفع مستوي الوعي السياسي والأمني لدي كل العاملين في بلاط صاحبة الجلالة بما يمنع تورطهم فيما يضر الصالح الوطني.. اننا جميعا وباعتبارنا مواطنين مصريين قبل أن نكون صحفيين يهمنا أن نكون جميعا في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ وطننا علي قلب رجل واحد في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه وهو ما يقتضي التخلي عن اسلوب التهديد الذي لا معني له.