فوجئت بتعليقات صحفية منشورة يتهم أصحابها وسائل الإعلام المصرية بالمبالغة في التعامل مع نتائج الانتخابات التركية الأخيرة.. وجاء في أحد التعليقات أن اردوغان لم يسقط «كما تخيل البعض»!
والحقيقة أن العالم كله أعلن في تعليقاته ان مشروع اردوغان الاقليمي قد سقط، وأن نتائج الانتخابات أحدثت أقوي زلزال وأحبطت محاولة فرض هوية معينة علي الشعب التركي، وأن راعي التجربة الإخوانية في العالم العربي قد تهاوي وأصيب حزبه بضربة قاصمة، وأن تركيا عادت إلي ماهو أصغر من حجمها الطبيعي وأعيد حبسها داخل الأناضول، وأن تلك عواقب المكابرة وجنون العظمة والحسابات الخاطئة ونتيجة الفساد والرشوة والسرقة وإخفاء ملايين الدولارات في صناديق أحذية في منازل ابن اردوغان ووزرائه. وقرأنا في التعليقات العالمية أنه لم يبق من حزب التنمية والعدالة.. أي تنمية أو أي عدالة، بل إن الحزب يواجه شبح التحلل والتفكك والزوال، وان ما حدث هو انقلاب سياسي كبير يجعل من الصعب ان يستمر الحزب في سياساته، وأن أكثر الصفحات قتامة في تاريخ تركيا الحديثة - داخليا وخارجيا - قد طويت.
الأكثر غرابة.. انه ورد في أحد التعليقات المصرية أن الناخبين لم يعاقبوا حزب اردوغان بسبب أخطائه في السياسة الخارجية أو موقفه من مصر!
ومرة أخري، فإن رد الفعل الخارجي يقول بغير ذلك. فقد كانت سياسة تركيا الخارجية، وخاصة حول سوريا ومصر، عنصراً رئيسياً في خطاب جميع الاحزاب المعارضة اثناء الحملة الانتخابية ووجهت هذه الاحزاب الاتهام المباشر لاردوغان بأنه يساند المنظمات الارهابية ويتدخل في شئون الدول الأخري ويعزل بلاده عن دول عربية رئيسية، وهذا ما أكده ممثلو أكبر حزب تركي معارض- حزب الشعب الجمهوري- خلال اجتماعه  معنا في القاهرة نحن اعضاء المجلس المصري للشئون الخارجية. وجاء في كتاب صدر مؤخرا في تركيا بقلم كبير مستشاري الرئيس التركي السابق عبدالله جول- ويدعي احمد سيفير - ان اردوغان كان يتصرف كما لو كان رئيسا لحكومتي مصر وسوريا «!» ولذلك اعتبر الكثيرون من المعلقين الاتراك نتائج الانتخابات.. انعطافة في سياسة تركيا تجاه سوريا والشرق الأوسط، وان تأثير هذه النتائج علي السياسة الخارجية سيكون واضحا، وأن العد العكسي سوف يبدأ، كما أن هذا التحول سوف ينطبق علي العلاقات التركية- المصرية. إذن لاتوجد مبالغة في التعامل مع نتائج هذه الانتخابات، ولكن الذي أسرف في المبالغة هو ارودغان نفسه عندما زعم أنه شيد القصر السلطاني الجديد بتكلفة 615 مليون دولار- 1150غرفة- لأن القصر القديم كان يحتوي علي صراصير!!
كلمة السر: لا مكان للتسلط في عصر الحريات