ألاحظ نبرة حادة في الحديث عن الشيعة، خاصة من بعض المتخصصين، هذه النبرة غريبة علي وسطية الاسلام المصري، هذا المفهوم الأقرب، المعبر عن صحيح الدين، والذي يستبعد الحديث في المواقف بين المذاهب المختلفة، ابدأ بطرح سؤال: لماذا الخوف من اعتناق البعض للمذهب الشيعي؟ لنفترض أن المصريين جميعا اعتنقوا المذهب وتشيعوا. هل نعتبرهم خرجوا بذلك عن الدين الحنيف؟.
المؤكد أن المسلمين كافة مسلمون أيا كانت مذاهبهم. المسلم من ينطق بالشهادتين. فلماذا الخوف خاصة أن مصر منذ خمسة عشر قرنا لم تعرف التمذهب الحدي المنتشر في بعض الأقطار الاسلامية، حيث يعرف الناس من اسمائهم، فالشيعة لا يطلقون أسماء الصحابة عمر وعثمان وأبو بكر علي ابنائهم ولا عائشة علي بناتهم، والسنة لا يسمون عبدالرضا، كاظم. إلي آخر اسماء ائمة الشيعة، لم تعرف مصر ظاهرة الجيتو. أي المنطقة التي يقتصر سكناها علي دين معين أو مذهب معين، أو طائفة عرقية بعينها. دائما اضرب المثل بالمعابد اليهودية السبعة عشر المنتشرة علي خريطة القاهرة من العباسية شمالا حتي المعادي جنوبا. في جميع مدن العالم يوجد حي معين يسكنه اليهود وتتركز فيه اعمالهم عدا مصر، اذن.. لماذا نحاول الغاء احدي السمات الرئيسية لتكوين مصر الروحي، القدرة علي التعايش والاعتدال النابع من طبيعة سمحة وتاريخ متسق. وقدرة علي هضم كل غريب، غزا الفاطميون مصر في القرن الرابع الهجري وأسسوا مدينة القاهرة التي احتوت كافة ما سبقها من عواصم واستمر حكمهم قرنين من الزمان، وعندما انتهي حكمهم وصعد الخطيب الي منبر الازهر الذي كان مركزا للدعوة الفاطمية وخطب للخليفة العباسي في بغداد لم تحدث اية ردة فعل. من هنا انبه دائما الي خصوصية الازهر وقراءة تاريخه في التاريخ والعالم الاسلامي، بدأ مركزا للدعوة الفاطمية، وتغير دوره ليصبح مركزا لتدريس المذاهب السنية، والمذهب الجعفري اقرب المذاهب الشيعية الي اهل السنة، ولتنطلق منه دعوة التقريب التي تبناها فضيلة الامام محمود شلتوت والامام القمي.
 مصر وفي القلب منها الازهر يجب ان تقرب ولا تفرق، اذا انضمت بثقلها وفرادتها الي هذا الطرف او ذاك سينقلب الامر عليها ويتهددها الانقسام من الداخل، لذلك تبدو هذه الآراء والنبرات المتصاعدة ضد الشيعة ضارة جدا بالدور المصري والوجود المصري ذاته، مصر حتي في لحظات ضعفها لايمكن ان تكون منحازة لطرف أو تابعة. ان عوامل الوهن في التاريخ المصري عابرة مؤقتة، اما عناصر القوة فكامنة في شعبها العظيم الذي يجب فهم تكوينه جيدا قبل اتخاذ مواقف وابداء آراء مغايرة لطبيعة وتكوين المصريين.