يسطع يوم 30 يونيو 2013 بين أيام الوطنية المصرية ليشغل مكانًا مميزًا وبارزًا. من حسن الحظ أن الإنسان اخترع الزمن والمواقيت لكي يسجل أحداث التاريخ ولولا ذلك لتشابهت علينا الأيام ولم نعرف المجيد منها من الرديء. في هذا اليوم وهو قريب عاشه كل الشعب المصري . خرجت الجموع تصحح مسارًا أعوج كاد يعصف بالدولة وبمصر التي ورد ذكرها في القرآن. خرج الملايين وراء قائد طبيعي برز من بين الصفوف لكي يعيد تأريخ التاريخ ويكتب لبلاده صفحة جديدة لم تكن واردة علي بال المتآمرين الذين أخذوا البلد إلي مهلكة معتقدين أن الدنيا دانت لهم نهائيًا لدرجة أن رئيسهم قال : سنحكم لمدة 500 سنة علي الأقل.
غرورهم صور لهم أن هذا الشعب ربما يثور مرة لكنه يعود لتنكيس رأسه مرة أخري وهو ما أثبت يوم 30 يونيو أنه تصور كاذب من شياطين الطمع والجشع الذين في سنة واحدة حولوا بلادنا إلي مسخ. لقد أعماهم الله بالسلطان والمال والقوة ليتعظ المصريون بعدما خسف بهم الأرض.
أطلق علي يوم 30 يونيو لقب ثورة وقال آخرون إنه حركة تصحيحية وسمي بأسماء عديدة وعلينا أن نقنن وضع هذا اليوم في تاريخنا فلا نكرر ما حدث مع ثورة 23 يوليو 1952 التي كانت حركة مباركة سماها البعض انقلابًا ثم صارت ثورة لأن الجماهير ساندتها وأيدت مسارها لتصبح من أعظم ثورات القرن العشرين والتي غيرت حركة التاريخ ورسمت خريطة المنطقة من جديد. لذلك علينا أن نوصف 30 يونيو التوصيف الحقيقي الذي يحفظ مكانتها ويتيح للأجيال القادمة أن تتعامل معها علي هذا الأساس.
لو كانت 30 يونيو ثورة حقيقية لغيرت بقوة بل بعنف طبقات المجتمع وقَلبت في هذه الطبقات لتعيد تشكيلها من جديد أو لقامت بتنفيذ خطط وبرامج معينة تتبناها لصالح الطبقات والفئات الأوسع بما يجعلها تحظي باستمرار تأييد هذه الطبقات . لكن هذا لم يحدث. ما حدث أن هناك جهودا من رئيس الجمهورية المنتخب الذي قاد الثورة من قبل ومعه وزارة مختارة من خلاله لتحسين أحوال الناس والحياة في الدولة ولكن لم يرق الأمر إلي مستوي تقليب طبقات المجتمع وتوسيع رقعة أو مساحة الطبقة الوسطي التي يؤدي اتساعها إلي تماسك الدولة وتحقيق أكبر قدر ممكن من العدل الاجتماعي.
إن يوم 30 يونيو 2013 يوم مجيد وساطع بين أيام الوطنية المصرية ولكن تحويله إلي مفهوم الثورة يتطلب العديد من الإنجازات والعديد من الخطوات الهادفة إلي تغيير المجتمع وتحسين أحوال الناس خاصة الطبقات الفقيرة. قد يبذل الرئيس السيسي الجهود ولكن تلك الجهود لن تحقق النتائج المرجوة إلا لو بذل الجميع نفس الجهد. لكن في الواقع إن رجال الأعمال الذين يجب أن يقوموا بدورهم المجتمعي بشكل أكبر لا يستجيبون للرئيس رغم أنهم خضعوا للإخوان فورا بعدما أظهروا لهم العين الحمرا.
البعض صدر إلي الرئيس المخاوف من اتخاذ إجراءات في مواجهة تقاعس رجال الأعمال ومن ضمن هذه الإجراءات عودة التأميم مرة أخري . وهو أمر مستبعد، فالتأميم كان يتناسب مع مرحلة ما في زمن التحولات الاشتراكية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي والآن الدول تبحث عن المستثمرين بكل السبل فلا مجال للتأميم ولا لأي إجراءات مخيفة للمستثمرين ورجال الأعمال وهناك طرق عديدة للحصول علي حق الدولة وحق المجتمع من رجال الأعمال الذين حصلوا علي التسهيلات والإعفاءات الضريبية لسنوات طويلة وحصلوا علي الأراضي بأبخس الأثمان. هناك طرق يمكن من خلالها أن يحصل الفقراء علي حقهم في التنمية وعلي مقابل نصيبهم في الدولة وإعفاءاتها وأراضيها التي حصل عليها رجال الأعمال منزوعو الدم والإحساس الذين يرون بلدهم في حاجة إلي مساندتهم ولا يمدون يد العون بينما كانوا علي استعداد لفداء أنفسهم وأولادهم بكل ما يملكون من أموال ومصانع في زمن الإخوان.
أطالب الرئيس بأن يجعل من 30 يونيو ثورة حقيقية وليست مجرد تغيير لنظام الحكم وكل سنة والشعب المصري بخير بمناسبة يوم 30 يونيو الساطع في أيام الوطنية المصرية.