ارتبطت بعلاقة عميقة وصداقة رفيعة بواحد من أعظم وزراء خارجية مصر، تلك المؤسسة العريقة الأقدم علي الاطلاق في الوجود الانساني ولهذا حديث يطول، أعني الوزير احمد ماهر ـ رحمه الله ـ ومما حاورته فيه خلال جولاتنا الاسبوعية المنتظمة كل أربعاء بالقاهرة القديمة الموقف من ايران، أعرف هذا البلد العظيم صاحب الحضارة الضاربة في التاريخ (مثل مصر) من ثقافته الانسانية، والتي أثرت الاسلام وحضارته، كل العلماء والفلاسفة العظام جاءوا من «ما وراء النهر»، العرب قدموا فنون القول والتعبير خاصة الشعر، اما الفكر والفلسفة والعمارة والموسيقي والعلوم فجاءت من بلاد فارس، ومن الاندلس، وكلاهما ساحات تفاعل مع ثقافات أخري، كان سؤالي دائما، لماذا نصر علي موقف عدائي بدأ نتيجة موقف شخصي من انور السادات، وربما ممالأة منه للسياسة الامريكية، كان يجيبني قائلا إن الرأي السائد في مؤسسة الخارجية يري ضرورة اقامة علاقات متوازنة، وايران قوة اقليمية كبري، الوضع المثالي في تقديره ان تقوم علاقة قوية متوازنة بين مصر والسعودية وايران، عندئذ، كان يبتسم وينتقل الي الدعابة التي كانت من سماته: تخيل لو تحقق ذلك، ما لم يصرح به وقتئذ ان بعض المؤسسات الأمنية كان لها تحفظ علي استئناف العلاقات الطبيعية بإيران، الي درجة اجهاض مشروع كبير اعده الوزير المثقف الدكتور ممدوح البلتاجي وزير السياحة وقتئذ. كان يقوم علي اعداد برامج سياحية دينية لزيارة مراقد آل البيت، ولمن لا يعرف، ولاولئك الذين يثيرون ضجة ليس هذا أوانها حول الخطر الشيعي، غير مدركين للتكوين الروحي للمصريين والذي يكمن فيه إنقاذ الاسلام من المسلمين، لهؤلاء أقول إنه لا يوجد فرد من آل بيت الرسول إلا وله مرقد في مصر حتي اولئك الذين لم يدخلوها، ابتكر المصريون مقامات الرؤيا ولهذا شرح وتفصيل، قمت بإعداد كتاب عن هذه المراقد طبع بالفعل لكنه لم يوزع لان المشروع لم يتم بسبب الوصاية الأمنية، الرؤية الامنية جزئية، والرؤية السياسية اشمل خاصة اذا تضمنت البعد الثقافي، وجميع سفراء مصر العظام الذين أعرفهم كان لديهم هذا البعد نظريا وعمليا، ومنهم سامح شكري وزير الخارجية الحالي، حققت ايران انجازا سياسيا هاما، ليس لايران فقط، إنما لكافة المستضعفين في الارض من خلال الاتفاق الذي تم توقيعه اخيرا، كنت أتمني ان تصحح السياسة المصرية الموقف الخاطئ من العلاقات مع ايران، والذي استمر مجاملة لاشقاء عرب هم أنفسهم  يحتفظون بأوثق العلاقات مع إيران، مصر بتاريخها وحضورها وموقعها دولة لا تنحاز إلي طرف ضد آخر إلا في مراحل الضعف والخلل، وقد تجاوزنا ذلك في ثورتي يناير ويونيو، لكن آثار الماضي ما تزال، الموقف العربي المتزن السليم من ايران موقف سلطنة عمان الذي يقوم علي الحكمة والتعقل الشديدين، في قوة ايران قوة للعرب، خاصة ازاء ما يتهددهم الآن من تقسيم وإعادة ترسيم حدود وكيانات، ايران قوة لنا وليست علينا.