لم يعد خفيا أن محاولة اسقاط الدولة في مصر، واشاعة الفوضي وتدمير بنيتها التاريخية المركزية تشهد مرحلة جديدة، بعد فشل المشروع الذي أوصل الاخوان إلي الحكم في عام ٢٠١٢، إلا ان الشعب المصري بتحركه الفريد في الثلاثين من يونيو قام بثورة عظمي لتصحيح الأوضاع التي مست ثقافته الكامنة ورؤيته للحياة. لم يكن عشرات الملايين الذين خرجوا عزلا في مواجهة عصابات قتل مسلحة متمكنة من الدولة يتوقعون أن خروجهم سيسقط مشروعا كبيرا لإعادة تقسيم الشرق الأوسط علي أسس طائفية مذهبية وعرقية، ورغم نجاح الثورة التي ساندها الجيش إلا أن خطة التقسيم ماتزال، والعقبة الرئيسية في مواجهتها، هي بقاء مصر متماسكة وفي القلب منها الجيش، القوة العربية الوحيدة التي ماتزال قادرة، خلال الأسابيع الماضية بدا واضحا أن مخطط التقسيم يدخل مرحلة جديدة وطورا خطيرا. محاولات الفتنة بين السنة والشيعة في أوجها، سواء بتلك الحرب الغريبة التي تدور رحاها في اليمن ويروح ضحيتها شعب عربي عريق، أو بمشاركة بعض كبار رجال الدين في تأجيج الصراع المذهبي من خلال أجهزة إعلام مؤثرة، وبدلا من جهود التقريب نجد العمل علي التفريق، خريطة الشرق الأوسط الجديدة بدأت في التجسد. العراق مقسم بالفعل. ليبيا أيضا، السودان، سوريا أصبحت جبهات القتال فيها بأسماء الشوارع والحارات، الحرب الدائرة في اليمن سيمتد لهيبها إلي داخل السعودية المستهدفة أيضا بالتقسيم، في مصر انتقل ارهاب جماعة الاخوان إلي مرحلة جديدة باغتيال المستشار هشام بركات، مع تصاعد عمليات العنف الموجه والواضح فيه أصابع أجهزة مخابرات دولية، مع تصاعد الهجمات المعنوية والإعلامية ونلاحظ غياب إعلام الدولة المصرية نتيجة الدستور الموسوي الكارثي. لكن افقاد الدولة جهازها الاعلامي ليس النتيجة الواحدة لهذا الدستور. لكنه تجاهل منصب نائب الرئيس. أو بمعني أدق ترتيب انتقال السلطة في حالة خلو المنصب الأول ومن تجربة الإنسانية أنه لا يوجد شخص مخلد، وأن بغتات المقادير تأتي من حيث لا نحتسب. فما البال إذا كانت الظروف التاريخية الآن من أدق الظروف حرجا في مسار الدولة المصرية. حتي هذه اللحظة الدولة بلا سلطة تشريعية. وبلا نائب للرئيس، ولا أعني نفس الوضع الذي أتي بالسادات ومبارك من خلال قانون الصدفة إلي السلطة، ولكن لا يوجد حتي الآن شخص يمكن أن يكون بديلا للرئيس في حالة نشوء ظروف تقتضي ذلك، لقد ترك الدستور هذا الاحتمال مبهما غامضا ولهذا أسباب ربما أبسط تقديري لها فيما بعد، لكن الآن يجب أن يكون هناك إلي جوار الرئيس بديل، صحيح أن مؤسسات الدولة تمنح أسسا لضمان الظروف، ولكن للشخص في مصر أهمية استثنائية، الدولة المصرية لم تكن مهددة في تاريخها كما هي الآن. وأحد أهم الضمانات لسلامتها وجود نائب واضح. محدد المهام. أما هذا الدستور المعيب فله حديث آخر.