احسست بحالة من فوران الدم والفجيعة وأنا أستمع إلي «كيري» وزير خارجية امريكا يتحدث ويدُلس في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع رئيس اسرائيل. جري ذلك خلال الزيارة التي قام بها للمواساة والأخذ بخاطرها في مواجهة الانتفاضة الجديدة للفلسطينيين ضد احتلالهم وانتهاك كل حقوقهم الانسانية. ما أثارني هو هذا الشعور الذي يتسم بالبلادة دون أي انتماء للإنسانية أو اعتراف بوجود مباديء ومواثيق.. تجاه كل ما ترتكبه اسرائيل عميلة وربيبة الظلم والفُجر الامريكيين.



قال كيري في هذا المؤتمر ما معناه انه اسرائيلي دما ولحما وانه فخور بكل ما يقوم به هذا الكيان الصهيوني. تعمد ألا يشير من قريب أو بعيد إلي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. اعتبر ان ما يقوم به الفلسطينيون دفاعا عن حقوقهم المشروعة هو سلوك غير انساني. وان ما تقوم به اسرائيل التي اغتصبت وطنا بأكمله وشردت شعبه ووضعت عشرات الآلاف من ابنائه في السجون فإنه في نظره قمة الشرعية والانسانية!.



مشاعر هذا «الكيري» لم تنتفض او تتحرك كما ان قلبه لم ينبض بأي احساس ينتمي لهذه الانسانية عند علمه بالقرار الذي اصدره البلطجي السفاح نتنياهو بإطلاق الرصاص الحي علي الأطفال والشباب الفلسطينيين الذين يستخدمون الطوب للرد علي وحشية الشرطة الاسرائيلية. هل هذه هي الانسانية التي يتحدث عنها هذا المسئول الامريكي المتجرد من أي انسانية؟



ان ما اقدم عليه جون كيري انما يدخل في دائرة التدليس والرياء المتمثل في انكار حقوق الانسان التي احترفت امريكا اتهام الكثير من دول العالم بانتهاكها تشويها وتشهيرا لخدمة مصالحها المريبة. ليس ادل علي هذه الحقيقة من تعمدها الاجرامي القول بأن ما تقوم به اسرائيل ضد الفلسطينيين ليس ضد حقوق الانسان وانما هو دفاع عن النفس.. إنه وتحت تأثير فكره المنحرف لجأ الي الخداع بالترويج المريب للحريات والديمقراطيات الزائفة الوهمية. انه يتعمد استغفال العالم كله بتجاهل كل الجرائم البشعة التي اصبحت جزءا من تركيبة وسلوك دولة اسرائيل والذي يعد مثالا لهذا الزيف الذي يتحدث عنه.




كل الدلائل والشواهد تشير وتؤكد ان هذه الدولة الشاردة المعادية لكل المباديء والمواثيق الدولية هي مصدر المصائب والبلاوي التي يعاني منها هذا العالم. ان مقومات الظلم والقرصنة والسطو التي قامت عليها هذه الدولة هي المسئولة عن بداية ظهور الارهاب والتطرف في العالم بهدف التصدي لإرهابها وممارستها للظلم والعدوان.



لقد تم دعم ومساندة ظاهرة الارهاب التي تروع العالم من خلال التحالف بين اسرائيل والدول الاستعمارية الذي تقوده امريكا. قاموا بتوظيف هذا الارهاب لخدمة مخططات التآمر علي الدول المستهدفة لتقسيمها وتفتيتها. حدث هذا في افغانستان وباكستان والعراق وسوريا وليبيا وتونس وإن كانوا يواجهون الفشل في مصر في مواجهة حليفهم جماعة الإرهاب الإخواني والعملاء.


ان الغرور والبجاحة والتجرد من اي سلوك حضاري او انساني هو محور السياسة الامريكية المسخرة لصالح الكيان الاسرائيلي الصهيوني. هذه السياسة تمد يدها لكل من يعمل في اطار اهدافها. هذا الواقع هو سر هذه العلاقة الوطيدة مع تركيا التي وضعت كل امكاناتها علي مرأي من كل العالم لدعم ومساندة تنظيم داعش الارهابي صنيعة امريكا لتدمير العراق وسوريا.



ان واشنطن التي تعلم وتدرك هذه الحقيقة هي وراء هذه المؤامرة التي اصبحت خطرا يهدد كل دول العالم بلا استثناء.. ليس هناك ما يقال امام هذه الحقائق الدامغة سوي ان الله أكبر من كل تآمر وانه قادر علي كسر شوكة هذا الظلم الذي لا يقره دين ولا تقبل به اي مباديء أو حقوق انسانية.