القضية التي تستوقفني اليوم.. تبدو في ظاهرها أنها قضية رياضية كروية، لكن الواقع يقول ان لها أبعادها الاجتماعية والثقافية وحتي السياسية! خاصة عندما تدور رحاها في مؤسسة رياضية اجتماعية كبري جدا كالنادي الأهلي حيث سيطر علي فكر البعض والكثيرين انه لا سبيل الي حصد البطولات الا بالاستعانة بالمدير الفني الاجنبي، وبهذا الفكر تجاهلنا انجازات المدربين الوطنيين القلائل الذين اتيحت لهم الفرصة الملائمة.. وكثيرا ما سارعنا الي الإطاحة بهم عند خسارة مباراة لها أهمية خاصة، حتي العظيم «محمود الجوهري» صاحب الانجازات الاكبر في تاريخنا الرياضي، بمجرد ان خسر المنتخب فرصة بطولة أخري (بعد كأس العالم) بسبب خارج عن ارادته عندما قذف احد المهووسين «طوبة» في رأس أحد أعضاء الجهاز الفني للفريق الافريقي المنافس، وتم إلغاء المباراة، وخسارتها في الاعادة خارج مصر، أطاحوا بالجوهري واستعانوا بالمدرب الخواجة باعتباره المنقذ فلا هو انقذ ولا احتفظ للفريق بمستواه الاصلي، ثم تكرر ذلك مع «حسن شحاته» .. نفس الموقف ونفس الفكر الجامد، وإن كان نجاح جوزيه مع الأهلي قد دعم ذلك الفكر بالرغم من انه حقق ما حققه لبراعة اللاعبين واستجابة الادارة له حتي خطفت ابرز اللاعبين المنافسين ليتم ضمهم الي الاهلي بناء علي اختياراته، وكانت إدارة الاهلي مستعدة لتلبية كل طلبات حضرة الخواجة «جوزيه» حتي لو طلب «لبن العصفور» والمعروف انه بعد النجاحات التي حققها في مصر لتلك الاسباب، اتجه لتدريب فرق عربية وأفريقية.. ولاحقته الهزائم وعاد الي بلاده مكسور الجناح ذلك لان إدارات تلك الاندية لم توفر له «لبن العصفور».. وعندما تحكمت فينا من جديد عقدة الخواجة، استقبلنا بالطبول والزغاريد الخواجة القادم من بلد برشلونة وريال مدريد.. «مستر جاريدو»، واذا بالاهلي يسقط في مستنقع الهزائم تحت قيادته، ولم يملك محمود طاهر ومجلس الادارة الا الاعتراف بخطأ الصبر الطويل علي الخواجة الذي قالت له الجماهير الاهلوية الغاضبة: «ارحل.. ارحل» بطريقة «محمد مرسي»، والمثير انه بعد خروج «جاريدو» غير مأسوف عليه، والبحث عن بديل وطني مؤقت كان فتحي مبروك هو الاختيار الاخير، وهذه مشكلة أخري تخصه هو شخصيا فالرجل بطبيعته مهذب متواضع لا يحترف الترويج لنفسه ولإمكانياته، وليس له أنياب يدافع بها عن حقه الواضح الذي أكده قبل ذلك اكثر من مرة واغتالته مجالس الادارة التي تحكمها «فوبيا» المدرب الاجنبي، أو تتأثر بمن يمتلك «الشلة» أو الصوت العالي. علي أي حال لم يجد صديقي «محمود طاهر» ورفاقه الاعزاء في مجلس الادارة بدا من اللجوء الي الرجل الطيب المحترم القدير.. مع التسريبات التي توحي بالعمل المكثف في اختيار خواجة يأتينا «بالبرنيطة» «وعينيه الخضراء» واللسان المعووج والشروط المالية المجحفة المرهقة! المهم ان فتحي مبروك بهدوئه.. وأدبه وانتمائه العميق للأهلي قبل المهمة وتوكل علي الله في المسيرة الصعبة واذا به يفاجئ الكثيرين، ويصدم البعض من المنافسين أو المتمسكين بالمدرب الاجنبي، فحقق الانتصارات المتتالية باقتدار وفكر كروي ونفسي رائع، وقراءة عميقة لتطورات المباراة، حتي أخذ بيد الاهلي من بين اندية الوسط الي المركز الثاني في اعقاب الزمالك الذي احتل المركز الاول في ظل غياب منافسه الأكبر، وتعثر المنافس الجديد «إنبي» بالاضافة الي الدور المباشر للمقاتل «مرتضي منصور» ورجاله.. وعندما حلت المواجهة بين الكبيرين في قمة لها وضعها الخاص، قالت معظم الاراء ان الزمالك فائز لا محالة وسيعلن احراز بطولة الدوري علي حساب الاهلي، لكن فتحي مبروك فعلها، وفاز علي الغريم الاكبر الواثق بهدفين نظيفين جدا، ووسط الفرحة الغامرة للأهلوية، اتجه فتحي الي الساحة الافريقية وحقق انتصارا جديدا امام «النجم الساحلي»

> والآن اقول لأخي محمود طاهر: هل سيتم التجديد للمنقذ القدير فتحي مبروك عاما واحدا ينطوي علي الشكوك في العودة الي المدرب الاجنبي؟! أم تؤكد الثقة المستحقة في المدرب الوطني الذي يكون بكفاءة فتحي مبروك وحسام البدري ومحمد يوسف فيكون التجديد لعامين علي الأقل؟!