‎لا أبالغ عندما أقول إن ٩٠ مليون مصري إلا قليلا.. كانوا يحلمون ببرلمان حقيقي يرتقي إلي عظمة الثورتين العظيمتين.. ويحقق حلم الثورتين الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية كهدف أساسي.. لايقل عن الهدف الثاني وهو القضاء علي الرشوة والفساد والمحسوبية واستعادة خيرات المصريين من رموز نظام مبارك الذين استولوا عليها وحولوا ملايين البسطاء إلي عبيد يقيمون في قبور العشوائيات.. واستولوا علي أحلام الشباب وخريجي الجامعات ويحولوهم لطابور عاطلين يزيد علي ١٢ مليون عاطل..
‎كان الجميع ينتظر برلمان الثورتين في ٢٠١٥.. يحقق هذه الأحلام كحد أدني لشعب مصر.. من خلال قوانين وتشريعات تخرج من برلمانين تمت ولادتهما من رحم هاتين الثورتين.. وانتظرنا شهوراً طويلة لذي «عباقرة» القوانين الذين اختفوا في غرف مغلقة لإعداد قانون انتخابات برلمان الثورتين.. لنفاجأ بالعك البرلماني المقصود من ورائه.. وتحفظت جميع الاحزاب المصرية والأطياف السياسية رافضة هذا القانون الغبي.. ولكن «حكماء الدولة العميقة» الذين لازالوا يريدون مقدرات مصر حتي الآن أصروا علي ان يخرج هذا البرلمان بتلك الصورة المذرية.. ويعيد فضيحة برلمان الرشوة والمال السياسي.. مرادفا لكلمة الديمقراطية المصرية .
‎العالم كله ومراقبوه تابعوا رشاوي المرشحين غير المجهولين للناخبين.. وننتظر من أعضاء اللجنة العليا بالانتخابات اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه التجاوزات بعد نشرها في الصحف القومية والفضائيات!.. أخيراً نزل بعضها من رجالات مباحث الأموال العامة بتعليمات مباشرة من الصديق العزيز «اللواء أسامة الصغير» مساعد وزير الداخلية وتلقي القبض علي «سماسرة» مرشحي الانتخابات بالصوت والصورة والفيديو وتم القبض علي عشرات غيرهم بمعرفة الأمن العام بتهمة رشوة الناخبين؟!.
‎إنني أؤكد ان محاميا صغيرا والعديد من شباب المحامين يجمعون هذه الأمور.. للتقدم للنيابة العامة والقضاء.. لإسقاط برلمان الرشوة قبل انعقاده.
‎ولكن المستشار مروان متحدث اللجنة العليا خرج علينا بتصريحاته مهنئا الشعب بنجاح الانتخابات.. وان اللجنة العليا أدارتها باقتدار وشفافية.. وأحالت عددا من المرشحين إلي النيابة العامة لتجاوزهم سقف الدعاية.. أما الرشاوي الانتخابية فإنه لم يرها ويطالب من يمتلك دليلاً عليها بأن يتقدم ببلاغ إلي اللجنة.. ونحن نقدم له مقالنا هذا لبلاغ عسي ان نجد من يحل لنا ألغاز هذا البرلمان..
‎وان كان بعض الخبثاء يؤكدون.. ان «حكماء الدولة العميقة» التي تدير مصر.. كانت تريد من فضائح هذه الانتخابات ان تأتي ببرلمان «مكسور عينه» بالصوت والصورة بأنه جاء بالرشوة ويمثل عددا من مليارديرات رجال أعمال فساد عهد مبارك للتحكم بهم وردعهم عند اللزوم.. بحل البرلمان!!
‎والبعض يهمس أنهم أرادوا ان يؤكدوا ان شعب مصر لايصلح للديمقراطية بدليل انه شعب يبيع صوته لمن يدفع.. وان الحل «بلاها برلمان منتخب» وان المجهول دائما يقدم الحلول التي تدغدغ مشاعر شعب مصر.. وهو يتم إعداده حاليا في انتظار حل برلمان الرشوة!
‎ولكن يبقي في كل الأحوال.. ان الجميع غامر بسمعة هذا الشعب العريق.. فقد اصبح مرصودا علي ملايين العالم بالشبكة العنكبوتية.. فضائح مصر تنتخب برلمانا بالرشوة والمال السياسي بعد ثورتين والاهم.. هذه الفضائح كانت تجري سرا طوال عهد مبارك فجاء الحكماء وجعلوها علي عينك يا تاجر والحسنة الوحيدة.. اننا ودعنا للأبد.. تزوير الانتخابات داخل اللجان! واستبدلناها بشراء الأصوات علي أبوابها