نجح تنظيم د اعش في الاستيلاء علي عقول بعض الشباب المضطرب غير الواعي لصحيح دينه والضائع في البحث عن هدف من حياته مستغلا في ذلك بعض فتاوي أئمة من المتشددين جهلاء الدين واساليب التواصل الاجتماعي من فيسبوك وغيرها للترويج لهذه الأفكار الدموية الهدامة ثم جندهم وتدفقوا من كل أنحاء العالم عن طريق تركيا إلي سوريا والعراق حالمين بالشهادة بعد القتل والذبح وتفجير الأبرياء.
فمن كان مثلي لا تفارقه صورة الاربع والعشرين مصريا قبطيا وهم يذبحون بواسطة اربعة وعشرين مجرم سفاح يتباهون بهذا العمل ويصورونه سينمائيا دون ادني احاسيس إنسانية او رحمة... وكذلك لأن جذوري صعيدية... فقد طلبت من الله ان يثأر لهم... ولم أندم علي مشاهدة هذا الفيديو الدموي لأن من المهم أن نتعرف علي درجة القسوة والانحطاط التي وصل إليها هؤلاء المجرمون...
ولعل الضربة الجوية التي قام بها جيشنا الوطني بتعليمات من الرئيس السيسي قد أشفت جزءا من غليلنا... والسؤال الآن هو ماذا نحن فاعلون بعد إعلانهم تأسيس دولتهم الجديدة في سرت في ليبيا علي حدودنا الغربية؟ أعلم أن سياستنا الحالية تقوم علي مبدأ عدم التدخل في شئون دول عربية حولنا ولكن ماذا عن الشعب الليبي الشقيق المنكوب بهؤلاء وخطر تواجدهم المريب علي حدودنا؟
وقد بدأ الغرب في الإفاقة عندما مست نار الإرهاب بلادهم فقد شهدت باريس يوم 13 نوفمبر الماضي سلسلة من الهجمات الارهابية المنسقة شملت احتجاز رهائن وإطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية اسفرت عن وقوع 130 قتيلا وأكثر من 350 جريحا جزء كبير منهم حالتهم حرجة وقد أصدر تنظيم داعش بيانا تبني فيه هذا العمل الإرهابي. وفي نفس السياق فقد قام شاب وشابة مسلمان من جذور باكستانية بقتل 14 شخصاً وجرح نحو 17 آخرين في إطلاق نار منذ أيام في مركز للمعاقين بسان برناردينو غرب الولايات. وقد عثر في سكن المهاجميـْن علي بندقيتين من الطراز العسكري ومسدسين وكمية كبيرة من الذخيرة و12 عبوة ناسفة يدوية الصنع وقد تبين ان الفتاة كانت قد أعلنت من قبل انتمائها لتنظيم داعش الا ان الرئيس الأميركي باراك أوباما اعلن أنه لا يستبعد أن تكون هناك دوافع إرهابية وراء حادث إطلاق النار ولكنه يفضل الانتظار حتي تظهر نتائج التحقيقات!
ومؤخرا قرأت ان التحقيق الذي أجرته شركة تويوتا حول مصادر تزويدِ داعش بالآلاف من سياراتها ذات الدفع الرباعي قد أظهر أن اربع دول عربية اشترتها وقد صدمني الخبر وتذكرت مقالي الذي نشرته منذ اكثر من عام بعنوان «داعش مرة اخري» عن موقف الجامعة العربية من الإرهاب وعدم وجود استراتيجية عربية موحدة لمواجهته ورد السيد الدكتور نبيل العربي وتأكيده بان الجامعة العربية لها موقفها الواضح من التهديدات التي تواجه الامن القومي العربي جراء النمو الاجرامي لتنظيم داعش الارهابي وغيره من الجماعات المسلحة المتطرفة وان مجلس الجامعة العربية علي المستوي الوزاري قد اصدر في دورته بتاريخ 7 سبتمبر 2014 قراره في هذا الشأن بعنوان (صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة) وكان اهم ما ورد به من توصيات:
اتخاذ موقف عربي حازم للتصدي لجميع التنظيمات الارهابية المتطرفة والعمل علي تجفيف منابع الارهاب الفكرية ومصادرة تمويله ومعالجة الاسباب والظروف التي ادت إلي تفشيه.
الالتزام بمنع القيام علي نحو مباشر او غير مباشر بتوريد الاسلحة او المشورة الفنية او المساعدة لتنظيم داعش او غيره من جماعات ارهابية.
اعتبار ان أي اعتداء مسلح علي اي دولة عربية او أكثر هو اعتداء عليها جميعا وان تلتزم الدول العربية باعادة الامن والسلام إلي نصابهما استنادا إلي معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي العربي.
مر أكثر من عام علي صدور هذه التوصيات فهل تم تنفيذ أي منها؟ وهل تم وضع آليات للتأكد من التزام الدول العربية بهذه التوصيات وخاصة فيما يخص منع القيام علي نحو مباشر او غير مباشر بتوريد الاسلحة او المشورة الفنية او المساعدة لتنظيم داعش او غيره من جماعات إرهابية؟ هل تم اخذ أي موقف من الدول التي ثبت تورطها في شراء العربات لداعش؟... مر عام ولا زال الوضع الخطير الذي تمر به منطقتنا العربية يحتاج إلي اكثر من توصيات وقرارات... وأكرر ما قلته في مقالي المذكور بان الحل الأمثل لمواجهة هذا الجماعة الارهابية هو ان تقوم الجامعة العربية بتكوين مجلس حرب يتكون من وزراء دفاع او رؤساء اركان جيوش الدول العربية التي يتفشي الارهاب في اراضيها او التي لها مصلحة في القضاء عليه واقتلاع جذوره لتخوض بالتعاون مع المجتمع الدولي حربا ضد داعش في الشرق الأوسط حتي لا نفتح الباب امام التدخل الاجنبي في شئوننا ونترك للآخرين تقرير مصائرنا