رغم العديد من التصريحات التي كانت ولا تزال تصدر من واشنطن وموسكو، وبعض العواصم الكبري الأخري وفي مقدمتها باريس ولندن وبرلين، حاملة في طياتها دلالات ومؤشرات كثيرة، متضاربة ومتصادمة أحيانا ومتوافقة أحيانا أخري،..، إلا انه بات من الواضح لكل المتابعين للأزمة أو الكارثة السورية، أن هناك بالفعل بوادر وإرهاصات تحول كبير في موقف هذه القوي وتلك الدول تجاه هذه الأزمة وتلك الكارثة، والتي هي في حقيقتها تمثل نكبة عربية بامتياز، بكل ما وقع ويقع فيها من قتل وتخريب ودمار للشعب والجيش السوري بل ولكل مؤسسات الدولة وكيانها وأعمدتها الرئيسية.
آخر هذه المتغيرات الواضحة هو ما قاله رئيس الوزراء الفرنسي بالأمس حول أن بلاده لم تعد تصر علي رحيل الرئيس السوري بشار الأسد كشرط للحل في الأزمة السورية،...، هذا التصريح يأتي مكملا لما أعلنته فرنسا الأسبوع الماضي، وبعد أيام من الاحداث الإرهابية التي تعرضت لها باريس، من أنها مستعدة للتعاون مع الجيش السوري في القضاء علي تنظيم «داعش» الإرهابي.
الموقف الفرنسي الجديد لا يمثل تغييرا في موقف باريس فقط، بل يعبر في حقيقته عن تغيير جوهري في الموقف الأوروبي كله تجاه الأزمة أو الكارثة السورية، في ظل الموقف الروسي الصلب المؤيد لبشار، والمناهض «لداعش» والجماعات الإرهابية الاخري، وبعد الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا وإدراك أوروبا أن جرائم الإرهاب لن تقتصر علي سوريا فقط، بل أنها انتقلت إلي الجانب الآخر من المتوسط واصبحت تهددها في عقر دارها.
واذا ما أضفنا الي هذا التحول في الموقف الأوروبي، ما سبقه وواكبه من متغير ملموس في الموقف الامريكي، الذي لم يعد يصر علي ضرورة رحيل بشار والتخلص منه كشرط أساسي للحل ووقف الحرب ووضع نهاية للاقتتال، وأصبحوا يرون الآن امكانية بقائه كفترة انتقالية، يتم خلالها التفاوض بين جميع الاطراف لايجاد حل سياسي،...، لوجدنا إننا بالفعل أمام رياح جديدة تهب علي الأزمة المشتعلة في سوريا قد تطفئها إذا ما صدقت النوايا، واذا ما أحسن العرب استغلالها،...، فهل يفعلون؟!