منذ ١٨ شهرا ولبنان يبحث عن رئيس!! والبرلمان معطل!! والكل ينتظر توافقا بين الأطراف الداخلية والخارجية كان مستحيلا في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، والأزمة المشتعلة في سوريا، وحقيقة أن القرار اللبناني مرتبط- منذ سنوات طويلة- بمواقف أطراف خارجية!!
لسنوات طويلة كانت سوريا هي الطرف المهيمن علي لبنان . ثم كانت هناك سنوات من الصراع السوري- السعودي- وبعدها دخلت إيران علي الخط، وفي مراحل كثيرة نجا لبنان بمعجزة من حروب داخلية كان من الممكن أن تدمر ما استطاع الحفاظ عليه، باتباع سياسة حاولت قدر المستطاع النجاة من لهيب الحرب في سوريا، حتي بعد أن اصبح حزب الله طرفا فيها، وبعد تواجد بعض التنظيمات المتطرفة - من الجانب الآخر- علي الاراضي اللبنانية واصطدامها بقوي الدولة واختطاف جنود من الجيش اللبناني ظلوا في الأسر حتي أفرج عنهم قبل ايام في صفقه لتبادل الاسري الذين كانت من بينهم زوجة سابقة لزعيم داعش «البغدادي»!!
هذا الاسبوع لاحت بوادر الانفراج في الموقف وتم الإعلان عن اتفاق مبدئي علي ترشيح سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية- وعودة سعد الحريري لرئاسة الحكومة، الصفقة الجديدة نالت موافقة زعماء السنة والدروز، وبالطبع فإن اعلانها لابد أنه مر عبر موافقة حزب الله والشيعة، كما نالت الصفقة تأييد السعودية وفرنسا وباركتها المرجعيات الدينية للمسيحيين المارونيين.. وبالطبع فإن الصفقة تنال موافقة النظام في سوريا الذي يتمتع بعلاقات وثيقة وتاريخية مع آل فرنجية، قال المرشح للرئاسة سليمان فرنجية إنه سيستغلها لمصلحة لبنان.
وحتي الآن تبقي عقبة الزعماء السياسيين الموارنة الذين كانوا قد طرحوا أنفسهم لموقع الرئاسة، وفي المقدمة الجنرال عون وسمير جعجع كما تبقي بعض المناورات السياسية حول قضايا مثل قانون جديد للانتخابات وغير ذلك من المطالب الطائفية التي يملك السياسيون اللبنانيون الخبرة الكافية للتعامل معها والوصول الي التسويات التي ترضي الجميع، وتفتح صفحة جديدة في الوضع اللبناني، وربما في الوضع العربي بأكمله.
لقد عاش لبنان سنوات طويلة مرهونا بالموقف في سوريا.. فهل آن الأوان ليكون التوافق في لبنان أحد المفاتيح الرئيسية للحل السياسي التوافقي في سوريا.. أو - إن شئنا الدقة- أحد العناوين الأساسية لبداية الحل السياسي للأزمة السورية؟!
ثنائي فرنجية- الحريري في لبنان «إذا تم» يعني أكثر من خروج لبنان من النفق المظلم الذي كانت تسير فيه- وقد يكون عنوانا لتطورات مهمة لإنهاء الازمة السورية- والأهم أنه قد يكون دليلا علي الوعي العربي بالاخطاء التي وقعت- وبالأخطار التي تهدد المنطقة، وبالتأمر الذي يشارك فيه الكثيرون حتي ممن يدعون الانتساب للعروبة بينما يضعون أنفسهم وبلادهم، وإمكانياتهم في خدمة مخططات تدمير الوطن العربي- ودفعهلكارثة الحروب الطائفية والمذهبية.
ويبقي السؤال عن مصر ودورها الذي ينتظره العرب جميعا، ويرجون معنا.. ألا يطول الانتظار!!