هذا انتصار يعكس قيمة الإصرار علي النجاح لدي الشعب المصري. هذا ما عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي في برقيته السريعة والمعبرة للنادي الأهلي في غمرة أفراحه وكل أبناء الشعب بتتويج صعب وشاق ودراماتيكي لبطل مصر ببطولة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. كرة القدم ليست مجرد لعبة يتنافس فيها لاعبون وفقا لقانون اللعب ويفرح من يفوز ويحزن الخاسر، لكنها باتت بإثارتها وصراعاتها وشعبيتها المعادل الموضوعي لأوضاع مجتمعية عامة. تقريبا هي مرآة عاكسة وصادقة. ما استوقف الرئيس السيسي وأشار إليه وركز عليه من معني تتويج الأهلي كونه عاكسا لروح وإصرار الشعب المصري علي النجاح يجب التوقف عنده كنموذج معتمد ومجرب جيدا لبناء وطن يحلم ويرغب ويأمل في النهوض ويتمسك بحقه في استعادة أرضه المشروعة علي خريطة التقدم الإنساني والحضاري بين الشعوب. الأهلي فاز وفرح وقضي مع جماهيره وكل أبناء الشعب ليلة سعيدة وليست هي المرة الأولي لفرحته وتتويجه فهو أول أندية العالم حصولا علي البطولات العالمية ( 20 لقبا يتفوق فيها علي الميلان الإيطالي وبوكا جونيورز الأرجنتيني بلقبين) وهو أول أندية الدنيا كلها حصولا علي عموم البطولات محليا وقاريا ودوليا متفوقا علي رينجرز الاسكتلندي.. لكن لقب الكونفيدراليةهذا العام كان مختلفا في تفصيلاته غزيرا في معانيه ودالا في إشاراته. فلنتأمل تجربة ونموذج الأهلي وما فيه من معان تستأهل التوقف والتأمل دون مكابرة أو مبالغة..النهوض من الكبوة مهما كان عنفها وعمق تأثيرها وإحباطها كان المعني الأول للبطولة فليس معني تعثر مؤسسة أوشركة أو فشل قطاع هو الإحباط والركون له والسقوط في قبضته لكن تعلم الدرس والاستفادة منه والنهوض سريعا يبقي هو المعني الأول. الأهلي صاحب أفضل الانتصارات والمتوهج أفريقيا وعالميا في السنوات الست الأخيرة علي الأقل سقط أمام فريق مغمور قياسا علي حجمه الأفريقي وهو أهل بنغازي الليبي وخرج الأهلي بمهانة من دوري الأبطال وظهر في أضعف حالاته مفلسا تماما ووفقا للبطولة كان علي بطل دوري الأبطال بصولجانه أن ينتقل بدموعه وإحباطه لبطولة الترضية ليمسح دموعه في الكونفيدرالية. كان يمكن للإحباط أن يتمكن منه خصوصا مع تغيير الجهاز الفني لكن نهوض الأهلي سريعا برغم «البهدلة» الفنية التي كان عليها ومعاودة شحن بطاريات طموحه وتوجيه بوصلته لبطولة جديدة مهما كان حجمها أصغر من تلك القادم منها البطل كان معني بارزا ومهما. أن تفقد شيئا مهما لا يعني الاستسلام لفقد كل شيء. تعامل بواقعية. حافظ علي ما تبقي لديك واحرص علي تنميته ودعمه وتكبيره تحقق ما هو أكبر.البطولة تكبر بالكبير.. والمنصب بمن يشغله. العمل المؤسسي هو وحده الذي يكفل التقدم ويضمن استمرار النجاح.. ومن ثم كان لافتا وفاصلا حرص إدارة الأهلي حتي مع تغيير مجلس الإدارة كاملا والجهاز الفني والإداري كاملا وابتعاد الغالبية العظمي من اللاعبين الكبار للاعتزال والانتقال علي السير في نفس الاتجاه البطولي ودعم مسيرة الفريق ومساندته بقوة وحرص مجلس الإدارة الجديد علي دعوة المجلس السابق للمباراة وتقدير جهده وعطائه ومسارعة الكابتن حسن حمدي إلي النادي لتهنئة المهندس محمود طاهر فور انتخابه وإبداء المساعدة في كل ما يهم الأهلي ومسارعة المهندس إبراهيم المعلم المرشح ضد طاهر لتهنئته والتأكيد علي جدارته بثقة الجمعية العمومية حتي قبل إعلان النتائج رسميا كل هذا من علامات العمل المؤسسي المحترم لقيمة الكيان وتقديمه علي الأفراد. التواصل يحقق النجاح دون حلقات منفصلة للبناء علي ما تقدم ودعم الإيجابي منه. لم يكن الدفء الشديد في علاقة رئيس النادي محمود طاهر باللاعبين لدرجة أنهم يحملونه فوق الأعناق ويتقاذفونه فرحا وتهليلا بطريقة أوروبية غير معهودة علي الرياضة المصرية وانفصال المسئولين وأصحاب الكرافتات والاسموكين عن باقي أطراف المنظومة الفاعلة سوي تعبير حقيقي عن معني وقيمة علاقة الحب والاحترام بين الرئيس والمرءوس. الكراهية أقصر الطرق للفشل. الإصرار علي النجاح والحرص عليه وقهر كل صعب في سبيل الوصول إليه يختزله الوسط الرياضي تاريخيا في كلمة «روح الفانلة الحمراء» تلك التي اختبرت تاريخيا وبرهنت في كل مرة علي أنها بالفعل اكسير البطولات الحمراء. الأهلي لعب الأدوار النهائية في الكونفيدرالية بنصف قائمة لاعبيه وزادت الأمور قسوة في النهائي لما وجد المدرب الأسباني جاريدو نفسه محروما من أكثر من نصف المقيدين بالقائمة وتحول معسكر الفريق قبل المباراة النهائية لمستشفي حقيقي واضطر الجهاز الفني لطلب « تلصيم « ستة لاعبين بأي علاجات مسكنة حتي يتمكنوا من اللعب بل وشارك منهم لاعبان ( السعيد وعبد الفضيل ) بعيدان عن الملاعب منذ عدة شهور لإصابات خطيرة وجراحات حساسة ولعب حارس المرمي برِجل واحدة وحذره الطبيب من تسديد الكرة.. لكنها الظروف القاسية. من رحم المعاناة يخرج النجاح. ولا يقبل تعلل أي جهة أو فرد أو مؤسسة بصعوبة الظروف مبررا للتقصير أو سببا للإحباط أو دافعا للاستسلام.علي قدر أهل العزم تأتي العزائم. التفرغ للمهام دون اعتراض علي الحكام إلا بالطرق المشروعة والقانونية.. ولما زاد تحامل حكم مباراة الذهاب بأبيدجان علي لاعبي الأهلي وحرمهم من حقوق مشروعة في المباراة لم يسمح الأهلي للاعبيه بالاحتجاج أو الخروج علي القانون لكنه سلك الطرق القانونية وتقدم باحتجاجه للكاف وطلب من لاعبيه التفرغ للعب وحتي مع رفض حكم الإياب منحهم أكثر من ضربتي جزاء لم يوقف اللاعبون اللعب ولم يخرجوا عن تركيزهم.. وواصلوا سعيهم لتحقيق هدفهم. الاعتراض علي الحكام يكون عبر القنوات المشروعة. الدفاع عن الحق القانوني  لا يكون أبدا بخرق القانون. التركيز الشديد والتحدي بقوة ورغبة وإصرار حتي الثواني الأخيرة يزيد من الضغط والاقتراب من بلوغ الهدف ويزيد المنافس أو القوة المواجهة ضعفا وهنا  يكون تحقيق المردود..وهو ما ينجح فيه الأهلي تاريخيا. النجاح لا يولد صدفة والحظ لا يناله إلا من يستحقه. إشاعة البهجة هو المناخ الصحي للنجاح وثقة الناس فيك هو ما يكفل لك التفوق. جمهور يملأ المدرجات عن آخرها وحتي الثواني الأخيرة والكأس تقترب أكثر من  المنافس وعشرات الآلاف من الجماهير تهتف بما يهز مدرجات الملعب: «فريق كبير فريق عظيم اديله عمري وبرضو قليل «.. هي الثقة في الكفاءة والقدرة علي التحدي حتي النفس الأخير. الفرحة حلوة. والسعادة هي ما يكفل التميز. محتاجين الفرحة بجد.الثقة بالنفس وتعظيم الأهداف دون الشعور بنقص أو عجز تجاه من نظنهم أكبر وأقوي منا هي من مقومات بناء الأوطان وضمان تقدم الأمم. ولم يكن تركيز الأهلي علي تقدمه قائمة أفريقيا وتعزيز صدارته لأندية العالم كأكثر أندية كل الدنيا تتويجا بالبطولات الدولية متفوقا إلا تعظيما لقيمة المصري وقدرته علي التفوق علي أقرانه عالميا إذا ما توافرت له كل مقومات التفوق والتميز.