لا مبالغة في القول بأن العالم كله بما فيه اثيوبيا يعلم بأن هناك أضرارا مؤكدة وخطيرة ستلحق بمصر بصورة مباشرة نتيجة اقامة سد النهضة الذي بدأت إجراءات بنائه منذ نهاية شهر مايو ٢٠١٣ وسط غرق مصر وانشغالها بظروفها وأحوالها الخاصة، وما ألقته هذه الظروف وتلك الأحوال من ظلال شك لدي الكثيرين في المنطقة والعالم حول قدرة مصر علي الانتباه للأخطار التي تتهددها من وراء هذا السد،..، وأيضا الشك في قدرتها علي مواجهة هذه الأخطار وتلك التهديدات.
ولعل هذه الظلال هي التي دفعت بإثيوبيا إلي الإعلان المفاجئ في ذلك التوقيت عن تحويل مجري النيل الأزرق تمهيدا للبدء في اقامة سد النهضة، ثم ما تلا ذلك من تسارع مقصود ومعد سلفا في عملية الإنشاء، وكأنهم في سباق مع الزمن يريدون أن ينتهوا من البناء وإقامة السد قبل ان تستفيق مصر من غفوتها، وتتيقظ وتدرك ما يدور حولها، وما يتربص بها من أخطار كان واضحا أنها معدة سلفا.
وطبقا لما هو معلن ومتداول من معلومات منذ هذا التوقيت، فإن مصر لم تستغرق في سباتها كثيرا، بل استفاقت من غفوتها في الثلاثين من يونيو بعد شهر واحد فقط من الإعلان الإثيوبي عن البدء في إقامة السد، وقامت علي الفور بإبلاغ الجانب الأثيوبي بالملاحظات والتخوفات الواقعية والحقيقية والأضرار التي ستتعرض لها والأخطار التي تتهددها جراء بناء السد، وطالبت بالعمل علي تلافي هذه الأضرار ومنع هذه الأخطار.
ومصر خلال هذا المطالبات كانت ولاتزال تؤكد حرصها الشديد علي معالجة القضية في إطار الصداقة بين الشعبين والعلاقات التاريخية بين الدولتين، وحرص مصر علي المصالح الإثيوبية ودعمها وتفهمها لضرورة التنمية هناك وما تحتاجه من مصادر جديدة للطاقة الكهربائية.
وخلال هذه المطالبات كانت مصر ولاتزال تؤكد علي أمرين أساسيين أولهما أنها حريصة علي الحل الأخوي والسلمي في إطار دعم وبناء الثقة والصداقة بين الدولتين والشعبين،..، وثانيهما هو انه لا مساس علي الاطلاق بالحقوق المصرية التاريخية والمشروعة في مياه النيل، ولا مساس أيضا بحصتها المقدرة من المياه طبقا للاتفاقيات الموقعة والمعمول بها.
«وللحديث بقية»