ما أعلنه المتحدث العسكري العميد/ محمد سمير - أول أمس الأربعاء - يستحق التوقف مجدداً أمام خطط الإرهابيين، حيث تم ضبط سيارة بها 40 كيسا من المواد المتفجرة وثماني اسطوانات بها نفس المواد، تحمل كلها 32 كيلو من تلك المواد، ضبطت السيارة في منطقة نفق الشهيد أحمد حمدي، ولا نعرف بالضبط هل كانت السيارة المفخخة في طريقها للتفجير داخل النفق أم خارجه، ولم يتضح كذلك ما إذا كانت السيارة متجهة من الوادي إلي سيناء أم العكس؟ بالتأكيد سوف تكشف التحقيقات كل التفاصيل، وربما كانت هناك تفاصيل إضافية لم يشأ المتحدث العسكري أن يعلن عنها، لكننا بإزاء واقعة تؤكد - مجدداً - أننا في حرب حقيقية، ومازلت أصر علي أنها حرب الاستنزاف الثانية، وهي أخطر من حرب الاستنزاف الأولي، التي مرت بها مصر بين عامي 1967 - 1970.
ويبدو أن قناة السويس بالمنشآت التي حولها، وأهمها نفق الشهيد أحمد حمدي، ومن ثم بقية الأنفاق التي أعلن السيد الرئيس مؤخراً الشروع في تنفيذها مستهدفة من الإرهابيين، ويحاولون الوصول إليها، مما يدمر سمعة القناة كممر ملاحي عالمي «آمن»، فضلاً عن ذلك فإن تدمير الأنفاق، يعني عزلة سيناء عن الوادي، وتعطيل حركة الانتقال السريع للمصريين من سيناء أو إليها، وهذا ما يسعون إليه.
نحن أمام مجموعات لا تخطط لعمليات طارئة، ولا تفجيرات علي طريقة الذئاب المنفردة - عملية خاطفة وتمر- لكنهم يخططون لتدمير مشروعات وهدف التنمية وضرب الاقتصاد الوطني، مرة بضرب أبراج الكهرباء، وفشلوا في النهاية، ومرة ثانية بمحاولة تخريب الجامعات كما حدث في جامعتي الأزهر والقاهرة والزقازيق وحلوان وغيرها تم إحباط مخططهم.
مصر تعد لمشاريع تنمية كبري وضخمة في محور القناة، فضلاً عن مشاريع أخري داخل سيناء، وهذه المشاريع تفتح باب الأمل في تشغيل عشرات الآلاف من الشباب والارتفاع بمستوي دخل المواطن المصري، وبناء تنمية حقيقية، تدفع مصر إلي الأمام، في مجال المنافسة الإقليمية والدولية، والأمر المؤكد أن ذلك كله يحبط المشروع الإرهابي ويفشله من جذوره، ولذا هم يعملون جاهدين للحيلولة دون حدوث تلك التنمية، والأمر المؤكد أن قطار العمل والبناء انطلق، ولن يوقفه أحد، غاية ما يمكن أن يفعله هؤلاء الإرهابيون أن يحاولوا عرقلة المسيرة والحركة.
مشروعات التنمية تزعج كل اولئك الذين يريدون جر مصر إلي الوراء، ومن ثم فإن المجموعات الإرهابية التي تضبط ليست سوي رأس الجبل فقط، أما جسم الجبل وقاعدته فتتركز في أولئك المتشددين والتكفيريين المنبثين بيننا، وغيرهم الذين يشيعون اليأس ويبشرون بالخراب ويحاولون إشاعة الإحباط، وحتي الآن فإن هؤلاء يبثون سمومهم، يتلونون ويتحولون، لكن عقولهم وأفكارهم وخططهم تبقي كما هي.
مرة ثانية وعاشرة، نحن نواجه عدوا، ربما يكون هو الأشرس في تاريخنا، سواء في حروبنا مع إسرائيل أو ما قبل إنشاء إسرائيل.
في الحروب السابقة، كنا دائماً بمواجهة عدو واضح، مكانه معروف وقوته تكاد أن تكون معروفة بالكامل لنا، حدوده ومواقعه أيضاً معروفة، وأهدافه الاستراتيجية والتكتيكية كذلك معروفة، كنا نعرف ذلك أثناء صراعنا العسكري مع إسرائيل، وقبلها مع الإحتلال البريطاني، لكن هذه المرة، العدو داخلنا في المقام الأول، يحمل أسماء مثل أسمائنا، أفراده من الخلايا النائمة التي تم تكوينها وزرعها، عبر سنوات من أفكار التطرف والتشدد، ثم يسهل تحويل تلك الأفكار إلي خطط ومشاريع عنف وإرهاب، وهذا ما تم الإعداد له منذ صعود تيار التأسلم السياسي في مصر عقب ثورة يناير المجيدة، وما إن أسقطهم الشعب المصري يوم 30 يونيه، حتي انطلقوا في حرب استنزاف طويلة علينا، نثق أننا سوف ننتصر في هذه الحرب، المهم أن نكون مدركين لحجم ما يراد بنا ويخطط لنا.
دلائل الإنتصار تتمثل في البدء بمشروعات التنمية في محور القناة، وأن قوات الأمن والقوات المسلحة حققت انجازاً كبيراً، وتراجعت معدلات العمليات الإرهابية، لكن سوف تبقي محاولات الإرهابيين، وسوف تستمر كراهيتهم للشعب المصري ولمصر الوطن والتاريخ والدولة، الأهم من ذلك أنهم لن يتورعوا عن أي عملية يمكنهم القيام بها، خاصة في منطقة القناة، وسبق من قبل أن ضبطت في مزرعة قريبة من القناة عدة صواريخ مجهزة للإطلاق باتجاه المجري الملاحي للقناة.