هذه المقالة فيها رائحة الفول والطعمية وسخونتهما..أكتبها وأنا فى كامل نشوتى.. ليس احتفاء بالفول والطعمية.. فهما رفيقان قديمان لا يغيبان عنى ولا أغيب عنهما..بل قلت ذات مرّة لا أعرف نوع دمى ولكننى متأكدة بأنه (ايه بي.. فول وطعمية.. ما علينا )..
فى ظل الارتفاع الصاروخى للخضار..عندما تدخل عزيزى القارئ.. أى محل للخضار.. او سوبر ماركت وفى جيبك ورقة بعشرين جنيها خضراء..عشرون فقط..هى افطار وغداء وعشاء اسرتك وأنت معهم..و عندما تأخذ جولة على الطماطم والخيار والفلفل الرومى والبطاطس والفاصوليا والباميه..وغيره..فتدرك وأنت تبتسم بحرقة أن عشرينك لا تكفى لكيلو جرام واحد من كل صنف.. ضرورى..وأنك مهزوم هذا الحشد..تنظر للخضراواتى وتحيّيه بحرارة..و تغادر سريعا.. نعم سريعا..وها أنت تركض وتشدّ الخطى.. فى طريقك إلى أصدقائك المقربين..
تصل إلى أقرب مطعم شعبى.. نعم.. شعبى يعنى شعبى..تقف عند قدرة الفول وصينية الفلافل.. تستنشق ما استطعت من البخار الشهى المتصاعد.. تملأ روحك نشوة..تنقلب ابتسامتك المقهورة إلى ابتسامة فارهة عريضة.. تمدّ ورقتك الخضراء..اريد بعشرة جنيهات فول وبخمسة طعمية..وهو يغرف لك فى كيس من النايلون الفول المتبل بالزيت الحار والكمون والشطة الحمراء ثم يعد لك حبات الطعمية المرصعة بالسمسم ليضعها فى قرطاس ويناولك حبة زيادة فوق البيعة..لا تتناولها بل تضعها فوق ما اشتريت..ثم تغادر إلى المخبز.. تشترى بالخمسة جنيهات عيش بلدى.. وتركض باتجاه البيت حيث الأهل ينتظرون..
ليس الفول والطعمية لأنهما طعام المصريين جميعا..بل أجواؤهما..طقوسهما..إحساسك بأنك لست وحيداً وأن الملايين يشعرون بما تشعر به من نشوة..ليست نشوة سدّ الجوع بل نشوة اللذة بأنك مع الحبيب..هذا الذى لا يتخلّى عنك فى أحلك الظروف..
لقد وفرت..و يومك كله فول وطعمية.. من بداية الهزيمة إلى آخر الانتصار.. مبروك..!