بالتأكيد تلك الفضائيات تشي بما تبثه علينا بأنها فوق القانون وتحاسب ولا تُحاسب، ولا يهمها الدستور أو القانون في شيء ولا حتي ما يسمي بغرفة صناعة الإعلام أو ميثاق الشرف الإعلامي، وتتمسك بدستورها الخفي في إرهاب وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وبالزج بنا في متاهات وألغاز صور وفيديوهات جنسية للضغط علي البعض لتمرير أو إسكات أصوات تطالب بحقنا في حياة نظيفة منزوعة الإرهاب والطائفية بشتي أشكالها وصورها.. كيف تمارس تلك الفضائيات ما يحلو لها دون مراجعة أخلاقية أو قانونية، وتتعمد إهانة دستور توافقت عليه الأمة وينص صراحة في مادته 57 أن « للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس»..!
كيف تتدني لغة الحوار الفضائي وتستبدل بلغة زعماء المافيا بكل ما فيها من تهديدات وتلويح بالاغتيال المعنوي والبدني وبأن تحت يديها مستندات وبلاوي تعرضها عند اللزوم.. لكن أي لزوم هذا ؟! ربما لزوم إرهاب من تريد إسكاته أو نفيه من خريطة الحياة العامة.. وكأنها لا تعترف بدولة القانون التي تلزمها بتقديم ما عندها من بلاوي للنيابة العامة حتي تتم محاسبة المسئول عن تلك البلاوي، وتنسي أنه بما لديها من أدلة كأنها تتستر علي جريمة تحاسب عليها كالفاعل الأصلي.. كيف تدار تلك الفضائيات ومن يحاسبها ومن المسئول عنها وعن محاولاتها المستميتة إلهاء الجماهير عن تكوين رأي عام مستنير حول ما يحدث فينا وحولنا..!
بالتأكيد ما يجري في بعض الفضائيات ليس له علاقة بحرية الإعلام.. فحرية الإعلام لا تعني التلاسن المريض بين مقدمي البرامج وهجر آداب المهنة وأخلاقياتها.. ولا تعني ركن الجهود التي تمت لترجمة نصوص الدستور إلي قوانين للمحافظة علي المهنة وعلي حقنا في قراءة ومشاهدة إعلام مهني أخلاقي.. ترك الساحة الإعلامية دون الإسراع بالتشريعات اللازمة لإعادة تنظيم المجال الإعلامي والصحفي يساهم في مزيد من «التليف الإعلامي».