كم ارجو واتمني ان يتم احتواء الخلافات وموجة التلاسن المشتعلة حاليا بشأن ما تم بخصوص تشكيل تكتل للغالبية البرلمانية تحت اسم «ائتلاف دعم الدولة» بقيادة اللواء سامح سيف اليزل. أملي ان لا يتطور الموقف لتنعكس آثاره سلبا علي ما هو معقود علي هذا البرلمان- من مهام خطيرة- والذي من المتوقع ان يستهل اول اجتماعاته في نهاية هذا الشهر.
ليس من تفسير لأسباب هذه الازمة سوي غياب روح التشاور والثقة حول الاهداف وعدم التوافق حول المهام المنوطة بهذا الائتلاف. كما ان سوء التقدير والتحاوز في اعداد ما يسمي بوثيقة الائتلاف كان وراء تفجير هذه الازمة. ظهر هذا جليا فيما تضمنته بشأن مطالبة الاحزاب السياسية بالتخلي الكامل عن استقلاليتها وألا يكون لها هيئتها البرلمانية الخاصة وان تمارس نشاطها تحت راية الائتلاف ومتحدثه الرسمي.
الرفض للنقاط محل الخلاف جاء من جانب الاحزاب الرئيسية الحاصلة علي اعلي الاصوات والتي احتلت المركزين الاول والثالث وهما بشكل اساسي المصريين الأحرار ومستقبل مصر.. كان ذلك سببا في اعلان بعض البارزين المحسوبين علي «ائتلاف دعم الدولة» أن الوثيقة مح الخلاف قد تم الغاءها. رغم هذا الاعلان فإن الخلاف والجدل مازالا علي اشدهما وهو الامر الذي يشير إلي ان هذا الائتلاف لن يكون بالصورة التي تم التخطيط لها في ان يصل عدد نوابه إلي 400 نائب.
تركز هجوم الرافضين لفكرة تأسيس هذا الائتلاف علي الربط بينه وبين الحزب الوطني المنحل في الاسلوب والاهداف وهو ما يعني من وجهة نظرهم اجهاضا مبكراً للتجربة الديمقراطية.. ورغم انني علي ثقة من توافر حسن النية في كل ما احاط بتشكيل هذا الائتلاف الا انني اري انه لم يكن هناك توفيق في اختيار اسم الائتلاف والذي يوحي بأن هناك توقعا ان يكون بين النواب من يكون ضد الدولة.
ان انحيازي لهذا الرأي يقوم علي اساس ان الغالبيةالعظمي ممن خاضوا الانتخابات وفازوا بثقة الشعب هم من مؤيدي ثورة 30 يونيو وبالتالي فإنهم سيكونون من الداعمين لدولة ما بعد هذه الثورة سواء داخل هذا الائتلاف او خارجه. علي هذا الاساس فإنه لا خوف من ان يكون هناك خروج عن خط مساندة هذه الدولة في جميع المجالات استهدافا لتحقيق الآمال والتطلعات الشعبية.
من ناحية اخري لابد من ان يوضع في الاعتبار ان هناك دستور لهذه الدولة تم اقراره باستفتاء شعبي وهو ما يحتم الالتزام به.. ان اي تعديل لهذا الدستور لا يمكن ان يتم الا من خلال موافقة الشعب الذي اصبح علي ضوء التجارب التي مر بها.. علي بينه.. مما هو في صالحه وما هو في غير صالحه. في هذا الإطار فانه يجب النظر إلي ما ثار حول مشروع «ائتلاف دعم الدولة» علي انه ظاهرة صحية تدخل ضمن متطلبات الممارسة الديمقراطية المستندة بشكل اساسي إلي الرأي والرأي الاخر مادام الهدف هو تحقيق صالح الدولة المصرية.
ان ما جري يمكن اعتباره تفعيل للاجماع علي انهاء عصر «آمين- آمين» علي كل شيء حتي لو كان في غير مصلحة هذه الدولة. من المفروض ان الحوار والنقاش بين الاراء المختلفة المؤمنة بما هو في صالح الوطن داخل مجلس النواب سوف تصل إلي الارضيةالمشتركة التي تفتح الطريق امام ما يسعي إليه الجميع لتحقيق اهداف التقدم والازدهار والعدالة الاجتماعية.
ان ما تشهده الساحة حتي الان يؤكد ان هناك اتفاقا عاما وتوافقا من جانب كل المخلصين لهذا الوطن بأن تعدد الاراء تجاه قضايا واحتياجات هذا الوطن تتيح الفرصة للوصول إلي الاحسن والافضل. بناء علي ذلك أي إخلال بهذا التوجه سوف يدفع الشعب للدفاع والوقوف بالمرصاد لأي تجاوز أو سلوك يؤدي الي تعطيل ما يريده ويستهدفه.