مسئوليات الانتماء الوطنى تفرض علينا جميعا ان نؤمن بأنه لم نعد نملك رفاهية تضييع الوقت فى افتعال الازمات التى لاعائد من ورائها سوى تعطيل مسيرة هذا الوطن. فى اطار هذه المسئولية اصبح محتما الالتزام بالتعقل فى التفكير فيما يتم اتخاذه من خطوات. هذا التوجه يتطلب عدم الانحراف وراء الحماس العشوائى والشعارات البراقة التى قد تصطدم بالانانية والبحث عن دور.
فى نفس الوقت فإنه على الذين يتقدمون بالمبادرات السياسية مهما اتسمت بالاخلاص وحسن النية ألا يندفعوا فى تبنيها وتفعيلها.انهم مطالبون بضرورة الحرص فيما يتم اتخاذه من خطوات فى هذا الشأن حتى لايقابل بسوء التقدير الذى يهدم كل شىء. ليس من سبيل لتجنب هذه المشاكل سوى التنسيق والتشاور من اجل الوصول الى الاسس التى تضمن استقرار العلاقات وانماء روح التعاون وتوافر الثقة المتبادلة.
يبدو ان هذه المتطلبات الضرورية لم يتم وضعها فى الاعتبار عند تشكيل ائتلاف «دعم مصر». غياب هذه المبادئ التى كان يجب ان تتأسس عليها متطلبات قيام هذا الائتلاف واستمراره.. كان وراء ما شهده من خلافات وأزمات وصلت الى حد «التلاسن» بين المسئولين فى احزاب البرلمان واعضائه. أدى ذلك إلى تخارج بعض الاحزاب فى محاولة من جانب مسئوليها لدرء الاتهام بالوقوع فى فخ التبعية التى تلغى الاستقلالية.
جرى تدارك الموقف باللجوء الى ازالة ما كان سببا فيما حدث من شقاق وانقسامات فيما يتعلق بمضمون الوثيقة التى جسدت لائحة عمل هذا الائتلاف. الاقدام على هذا التصحيح يجعلنا نقول ولماذا لم يكن هذا من الاول؟. ما حدث يؤكد أنه لو كان هناك حسن تقدير لما وصلت الأمور لما وصلت إليه.
هنا يثور التساؤل عن مكان الشعب الذى منح نواب الاحزاب والتكتلات عضوية أول مجلس تشريعى يمثل الثورة.. التى أشعلها يوم٣٠ يونيو. توافقا مع هذه الثورة فإن على هذا المجلس واعضائه ان يكونوا على بيّنة بان المهام المنوطة بدورهم لاتسمح بأى مهاترات أو تجاوزات أو مناورات أو سلوكيات تؤدى الى تعطيل ما تتطلبه الاستجابة لتطلعات وامانى وطموحات هذا الشعب. ان المسئولية الوطنية تقتضى ان يكون اداؤهم بمنأى عن التشكيك فى سلامة المواقف تجاه كل مايحقق الصالح العام.
من ناحية اخرى فإننى أرى أنه لم يكن من اللياقة استخدام أى طرف لاسلوب التهديد والتحذير بحثا عن تأييد أو مساندة لوجهة نظره. حول هذه القضية لابد ان يكون مفهوما اننا جميعا فى مركب واحد. ان مهمتنا فى هذه المرحلة تتركز فى الابحار إلى بر الامان لتحقيق التقدم والازدهار الذى يتطلع اليه وطننا الذى عانى كثيرا من تخلف لايستحقه.. ان الوسيلة الوحيدة للوصول الى هذا الهدف تعتمد وتستند الى التفاهم والتوافق بين اطراف المنظومة السياسية الذين يجب ان يتمتعوا بالوعى الكامل باحتياجات الوطن دون اى مزايدات .
كان من الطبيعى ان يثير هذا الوضع السياسى المهزوز الحزن والخوف على المستقبل وهو الامر الذى خيم على بعض جوانب خطاب الرئيس السيسى بمناسبة المولد النبوي. هذا الاحساس كان واضحا فى نبرات ولهجة الخطاب بما يشير إلى مسحة من القلق تجاه ما هو مخطط لعملية الانطلاق نحو ما يأمله ويتمناه كل مصرى وطنى شريف.
الخروج من هذه الدائرة بمؤشراتها السلبية على المستوى الوطنى تستوجب سرعة العمل على اصلاح وعبور الاخطاء حتى يكون المسار فى الاتجاه الصحى السليم. اننا فى اشد الحاجة للتناغم والانسجام بين كل الاطراف واضعين امام أعينهم هدفا واحدا.. هو صالح هذا الوطن. لامجال فى هذه المرحلة الفارقة للدخول فى متاهات تجارب جديدة ليس من نتيجتها سوى مزيد من الالام والانتكاسات. تجنبا لهذه المحصلة المرفوضة فإنه ليس امامنا سوى ان تجمعنا كلمة سواء تقودنا الى طريق السلامة والنهوض بهذا الوطن.