علي ضوء ما تشهده مفاوضات سد النهضة من ألاعيب وعمليات تسويف تمارسها اثيوبيا فإنه لم يعد خافيا ان الهدف هو تضييع الوقت بما يسمح بان يكون هذا المشروع أمرا واقعا دون إجلاء الغموض حول الجوانب المتعلقة بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل. في هذا الاطار فإن اثيوبيا تري وهي تمارس هذه اللعبة انها في سباق مع الزمن لتحقيق هذا الهدف.
هذا السلوك لا يضع في اعتباره ما تقضي به الاتفاقات والمواثيق الدولية الخاصة بالمجاري المائية عابرة الدول. انه وفي نفس الوقت تجنح عن عمد بما تقضي به التزامات الجيرة وما ترتبط بها من حقوق المشاركة في المصالح التي تضمنها وتدعمها الالتزامات الدولية.
ووفقا لسير المفاوضات الثلاثية والسداسية فإنه من المؤسف والمحزن ما يتم تداوله حول موقف الجانب السوداني الذي يمثل دولة أكثر من شقيقة لمصر من خلال عضويتها الاساسية في هذه المفاوضات.
يقولون ان التعاملات السودانية مع هذه الازمة فيما يتعلق بحقوق دولتي المصب يتسم بالميوعة وعدم المسئولية وهو ما يمكن اعتباره مساندا لوجهة النظر الاثيوبية.
الشواهد تشير الي ان هذه التصرفات يحكمها فكر ضيق ونزعة غير سوية تقوم علي ربط وخلط الامور بغير وجه حق. كل الدلائل تقول ان التفريط السوداني المتعمد في حقوق دول المصب ما هو إلا محاولة لممارسة الضغوط علي مصر لدفعها الي التنازل عن حقوقها التاريخية في مثلث حلايب وشلاتين. ان ما يدعو للأسي ان يحدث هذا من جانب النظام الحاكم في السودان بما يعد انكارا للعلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط بين الشعبين. أنه وفي نفس الوقت يتغافل عما تقضي به المواثيق الدولية التي تنظم العلاقة بين دول المنبع والمصب للمجاري المائية.
لقد اوضحت مصر مرارا وتكرارا ان حقوقها التاريخية في مياه النيل المدعومة باتفاقات ومعاهدات هي مسألة «حياة أو موت» بحكم انها أكسير الحياة للزراعة التي لا بديل عنها للشعب المصري.. رغم الاهمال والصبر غير المبرر في التعامل مع اخطار ما يعنيه مضمون هذا الملف علي مدي السنوات السبع الأخيرة.. إلا أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال اجبار مصر علي الاستسلام لهذا العدوان الذي يستهدف التأثير بأي شكل من الاشكال علي شريان حياتها.
ان عدم توصل المفاوضات السلمية الي حل يضمن عدم إلحاق اي اضرار بالحقوق المصرية القانونية.. يعطي لمصر كل الحق في اللجوء الي كل الوسائل لدرء هذه الاخطار. حول هذا الشأن فانه لابد أن يحسب للموقف المصري إعلانه وتأكيده لحق الجارة اثيوبيا دولة المنبع الرئيسية لنهر النيل في حقوق التنمية والتقدم من خلال الاستغلال العادل والعاقل لتدفق مياه النيل. هذا التحرك لابد ان يتم علي اساس عدم المساس بحقوق مصر دولة المصب الرئيسية لنهر النيل.
لم يعد خافيا ان حرص مصر علي التفاوض يجب ألا يعكس بأي حال الضعف امام اي مخاطر تهدد الامن القومي المائي بما له من انعكاسات كارثية ارتباطا بوجودها وامنها القومي العام. في هذا الاطار فان كل المواثيق الدولية تعطيها حق الدفاع عن النفس في حالة تعرض هذا الامن لهذه المخاطر بعد استنفاد كل الوسائل السلمية لإزالتها.
كم أرجو ألا يأتي الوقت الذي يكون فيه الصبر قد نفد من أجل التوصل الي التسوية العادلة التي تحفظ للجيرة والمصالح المشتركة حرمتها.
انطلاقا من إرادة شعب مصر المسالمة حتي الآن فان علي الطرف الاثيوبي ان يدرك ان للصبر حدوداً وبالتالي فإن كل الاحتمالات مفتوحة دفاعا عن الحقوق المشروعة