لقد ضاعت منا الطرق وتبعثرت الخطي حين أضعنا مناهج الحب فقادنا الكُرْه إلي دروبِ الشرّ والضلال.

غداً بمشيئة الله تعالي ينتهي عامٌ، ليبدأ بعد غدٍ عامٌ جديد.. فكل عام والناس جميعاً بخير.. كل عام وقلوبنا عامرةٌ بالخير.. كل عام وأحلامنا بخير. فلربما منعت أحداث 2015 كثيراً من الناس حتي من أن تحلم. فقد تسلَّمَ من أعوام سبقته إرثاً مثقلاً بالهموم والأحزان.. ليكون هذا العام الذي نودع غداً من أصعب السنين التي واجهت أمتنا في أنحاء متفرقةٍ من ديار العرب والمسلمين.
فقد شهدت المنطقة العربية في سوريا والعراق وليبيا واليمن وتونس مالم تشهده مجتمعةً حتي إبان الحروب العالمية.
حيث كان الصراع أوربياً - أمريكياً، وبعض مواقع الصراع في العالم العربي.
ولكنهم أحكموا نقل الصراع برمته إلي داخلنا العربي، بعد أن مدّ نفرٌ من الجهلاء لهم جسوراً ٠ بقصد أو بدون قصد ٠ ليعبروا إلينا بكامل عدتهم وليجربوا في أهلنا وديارنا كل مستجد من أسلحتهم جواً وبحراً.. بحجة مكافحة الإرهاب وبالتحديد دواعش الخراب. والعجيب أن نصف العالم العربي دُمر وقُتل مئات الآلاف، وشُردت الملايين في الداخل والخارج.. وارتُكبت أفظعُ الجرائم ضد الإنسانية وضد الضمير، وعُقدت التحالفات والمؤتمرات في كل زاوية من الأرض، ولاتزال بومة الدواعش تنعق بالخراب. وكأن العالم عاجزٌ عن اجتثاث هذه الشجرة الخبيثة من علي سطح الأرض ؟!
أعتقد أنه ما كان ينبغي عليَّ أن أبدأ بهذه الحكاية، وعامٌ جديدٌ يحلُّ بعد غدٍ بعون الله. ولكنها الخشية أعزائي الكرام، أن يكون 2016 عاماً مستنسخاً من 2015. بعدما ثبت أن مسرحية محاربة الإرهاب، متعددة الفصول ولم يضع لها مؤلفها خاتمةً بعد.. علي طريقة المسلسلات طويلة الأمد والتي قد يتعاقب علي كتابتها أكثر من مؤلف وربما يخرج الحلقات الأخيرة مخرج لم يكن في بداية العمل.. وربما يموت بعض الممثلين وتُكتب فصول جديدة عن وفاتهم تمهيداً لمشاركة ممثلين جدد.
إن هذا الأمر يؤكد أننا وحدنا من يملك الحق في كتابة فصولنا، وهذا ما يحدث الآن لنا، يحدث لأننا تركنا غيرنا يكتب هذه الفصول.
وقد يتطوع قارئٌ عزيز ويسأل: وما دخل كل ذلك بالعام الميلاي القادم؟
فأقول: نريده عاماً بمعني الميلاد وبكل ما يحمله من معاني المحبة والسلام للناس علي كل أرض.
لقد ضاعت منا الطرق وتبعثرت الخطي حين أضعنا مناهج الحب فقادنا الكُرْه إلي دروبِ الشرّ والضلال. وتبعثرت خُطانا لأن خطايانا نحن من ارتكبها في حق أنفسنا وفي حق أولادنا، حين أهملناهم وانشغلنا عنهم بحياة زائفة لا تورث مجداً ولا تبني للإنسان أرضاً.
إن الأديان السماوية الثلاثة، قائمة علي الأخلاق وترسيخ القيم والحفاظ علي المبادئ التي تُشكل في مجموعها الإيمان والمحبة والسلام في هذا الكوكب. وما أروع إقبال، الشاعر المسلم حين قال :
إذا الإيمان ضاع فلا أمان
ولا دنيا لمن لم يحي دينا
لقد عرف أعداء الأديان والإيمان.. أنه لا قبل لهم بهذه الأمة أو بكل أمة.. إلا من خلال ضعضعة ما تؤمن به، وعادة يدافع المؤمنون عن إيمانهم بكل ما يملكون، بل بأغلي ما يملكون، فإذا فقدوا ما يملكون ولم يعد لديهم غالٍ.. سهُل تمزيقهم بأيديهم وبخناجر خلافاتهم وحراب تكفيرهم ورصاص ضلالهم الطائش.
أسأل الله أن يعود إلي صدورنا هذا الإيمان كاملاً غير منقوص مع مطلع عامنا القادم. وكل عام وأنتم بخير وفي حالٍ أفضل