خسارة أن يتم التعامل مع مناسبة ثورة ٢٥ يناير بهذا التخويف والتحذير.. كأن هناك مصيبة ستحدث... او كأنها مناسبة ممنوع الاحتفال بها!
هناك كثيرون - وانا منهم - احسوا انها كانت ثورةً للحرية والعدالة... ثورة من اجل ديموقراطية حقيقية... فهل هو خطؤنا ان هناك من سرق الثورة وأضاعها في الطريق؟ وهل هو خطؤنا ما حدث بعد ذلك من تدهور أمني واقتصادي وسوء إدارة؟
لا وألف لا... فلقد كسرت هذه الثورة حاجز الخوف وأعطت درسا لكل ديكتاتور يحكم بالحديد والنار... وهي صورة ستظل دوما موجودة تحذر من الاستبداد وتنصح أي حاكم ان يحكم بالعدل والحرية والديموقراطية!
ان محاولات البعض طمس الحقائق وتشويه ثورة ٢٥ وتصويرها علي أنها مؤامرة وكارثة ووصفها بالمؤامرة العالمية والمخطط لها من قوي خارجية اجنبية وداخلية أهمها الاخوان المسلمون ما هو الا تزوير فج للحقيقة. والحقيقة هي ان النظام في مصر كان يحكم بنظام الحزب الواحد... حزب المحاسيب والمنتفعين بلا عقيدة ولا رؤية ولا انتماء... حزب يزعم عضوية خمس ملايين لم نري منهم أحد وقد انهار النظام تحت اسماعهم وأبصارهم ولم يحركوا ساكنا. الحقيقة هي ن الشعب قد نزل بكل طوائفه بعد ثلاثون عاما من حكم الفرد لكي يطالب بحريته وبأبسط حقوقه من ديمقراطية وحرية وعدالة... نزل ليعترض علي حكم الفرد وتزوير إرادته في انتخابات مصطنعة كان قد تم تزوير نتيجتها وتم سد اخر منفذ للتنفس والحرية... هي بالتأكيد ثورة ولم تكن هناك مؤامرة... بل كانت نتيجة حتمية لكل هذه الأسباب السابق ذكرها.
وعيب علي قوي ما قبل ٢٥ يناير - ولن استخدم لفظ فلول الذي تم إساءة استخدامه - عيب ان يظلموا شبابا طاهرا نقيا نزل لمطالب حقيقية وبضمير خالص. فلقد رأيت بنفسي نوعية الشباب وجموع الشعب في الميدان وكانوا شبابا طاهرا قويا ووطنيا يحلمون بالديمقراطية والحرية أسوة ببلاد العالم الحر... لا يحركهم احد ولا يقودهم احد... اما الإخوة من الاخوان المسلمين فلم يظهروا لأنهم كعادتهم اتفقوا مع النظام وقد أكد ذلك وزير الداخلية في شهادته امام المحكمة... فهم لم يقرروا الانضمام الا بعد ان تأكدوا من نجاح الثورة فنزلوا واستغلوا ان الشباب لم يكن يريد الدخول في معترك السياسة ولم يكن لهم قائد فتسلقوا علي الثورة وحاولوا لي الحقائق والكذب كعادتهم وادعوا انهم صناعها.
لم تكن مصر وحدها التي تعاني من حكم الفرد والديكتاتورية، ففي تونس البلد الذي اندلعت منه شرارة الثورة وكذلك في ليبيا كان الحكام يحكمون بالحديد والنار ويتعاملون مع بلدانهم كأنها عزب خاصة واستغلوا خوف شعوبهم من الاسلام السياسي - الذي ثبت انه كان خوفا في محله - في الترويع والتخويف لكي يقبلوا بحكامه... وكما تعلمون لم يفلح هذا المسعي فخلعهم الشعب ومن أعقبهم من الاخوان المسلمين موضحين انهم لن يرضوا عن الحرية بديلا.
لا ثورة ٢٥ يناير مؤامرة ولا ٣٠ يونيو مؤامرة بل كلتاهما ثورة من اجل الحرية وضد الديكتاتورية حتي ولو كانت ديكتاتورية دينية من تنظيم استخدم الدين للضحك علي البسطاء مستغلا تدين الشعب المصري.
ان محاولة طمس الحقائق وتزييف التاريخ لن تجدي وأفضل للجميع الاعتراف بأخطاء الماضي لأننا لن نستطيع ان نبني مستقبلا الا بالمصارحة والحقيقة... وفقنا الله جميعا من اجل وطننا الغالي مصر.