بغض النظر عن كل ما يحيط بملابسات حالات الاعدام التي نفذتها المملكة العربية السعودية فإنها في النهاية تأتي وفقا لما تم اعلانه.. في اطار الدفاع عن أمنها و تفعيلا لاحكام قضائية تستند إلي القوانين القائمة علي الشريعة الاسلامية المعمول بها. قد يكون التظاهر السلمي حق مكفول ولكن ما تعرضت له المقرات الدبلوماسية السعودية في ايران من هجمات تخريبية احتجاجا علي عملية اعدام مواطن سعودي مهما كانت عقيدته أمر لا يمكن تبريره ويتعارض مع كل المواثيق الدولية. كل الدلائل والشواهد تؤكد أن هذا السلوك من جانب الغوغائية الايرانية المدعوم حكوميا ليس له من اسباب سوي ان هذا المواطن السعودي ينتمي إلي المذهب الشيعي.
علي هذا الاساس فإنه ليس هناك من تفسير لهذا الذي حدث سوي أن ايران تنكر علي أي شيعي هويته الوطنية وتعتبره تابعا لها علي خلاف كل القوانين والمواثيق والقواعد المعمول بها علي مر السنين والزمان. ان علي ايران ووفقا لهذا المنطق الطائفي المذهبي أن تعترف بولاية السعودية وكل الدول الاسلامية السنية علي المسلمين السنة الذين يعيشون علي الارض الايرانية خاصة في منطقة الاهواز. انها واستنادا لما تمارسه من خداع وممارسات عدائية ليس لها من تبرير.. فانها تقوم باعدام العشرات من هؤلاء المسلمين لاسباب وهمية لا لشيء سوي ان الظروف دفعت بهم لأن يكونوا مواطنين ايرانيين. يتم ذلك في سرية وبمحاكمات لاتتوافر لها المتطلبات القضائية التي تضمن العدالة التي لا تعرفها دولة الملالي.
ان ما تم الاقدام عليه في ايران ضد السفارة والقنصلية السعودية وما صدر عنها من تهديدات انما يشيربأصابع الاتهام إلي انها تعتبر كل شيعي مهما كانت الدولة التي ينتمي اليها ويعيش فيها.. عميلا عليه ان يقوم بتنفيذ تعليماتها حتي لو كانت ضد امن وطنه. هذا الامر استطاعت دولة الملالي الايرانية ان تفرضه علي لبنان من خلال بعض الجماعات الشيعية المنحرفة التي لاقت الرفض من جماعات شيعية اخري تتمسك بانتمائها الوطني اللبناني. ليس من نتيجة لهذا المسلك الايراني بشأن هذه القضية سوي انه اعلان ادانة يلحق الاذي بكل شيعي يتمتع بجنسية ومواطنة اي دولة في العالم حيث يمكن النظر اليه باعتباره عميلا وجاسوسا لدولة أجنبية وهو أمر لايمكن ان يكون صحيحا.
ان اندلاع هذه الازمة العنيفة بين السعودية وايران ليست وليدة اعدام هذا المواطن السعودي الشيعي وانما تعود إلي قائمة طويلة من التدخلات الايرانية علي مدي سنوات في الشئون الداخلية لدول الخليج العربي خاصة بعد ثورة خامئني 1979.
هذا السلوك الايراني الذي يتعارض مع الاخوة الاسلامية النابذة للطائفية مازال متواصلا وعلي سبيل المثال ضد البحرين من خلال اثارة الاضطرابات الداخلية وضد دولة الامارات العربية المتحدة التي تم الاستيلاء علي ثلاث جزر تابعة لاراضيها وسيادتها.. إن اخر ما اقدمت عليه ايران من تجاوزات.. قيامها بتحريض الحوثيين في اليمن بالمال والسلاح للعدوان علي السعودية وتهديد امنها وسيادتها. هذا الخطر الذي تعرضت له المملكة السعودية كان وراء اندلاع الحرب الدائرة في اليمن حاليا من اجل القضاء علي هذا الخطر الحوثي وبالتالي مواجهة النفوذ والتسلط الايراني علي الامن القومي لدول الخليج.
في هذا الشأن فان مصر ايضا لم تسلم من هذه النزعات العدوانية الايرانية منذ سيطرت حكم الملالي علي دولة ايران. تمثل ذلك في احتضان هذا النظام للارهابيين الذين شاركوا في اغتيال الزعيم الراحل العظيم انور السادات وقيامها باطلاق اسم القاتل علي احد شوارعها الرئيسية. لم تكن هذه الخطوة سوي تمجيد للجريمة التي اقدم عليها هذا الارهابي مستهدفا أمن واستقرار الدولة المصرية. من الطبيعي ان يكون لهذا الموقف الايراني انعكاساته علي العلاقات مع مصر التي تم قطعها ومازالت حتي الآن نتيجة اصرار ملالي ايران علي موقفهم المؤيد للممارسات الارهابية في مصر.
ان قطع السعودية والبحرين والسودان لعلاقاتهم بايران وقرار الامارات بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع ايران انما يأتي كمحصلة طبيعية لعمليات الاستفزاز والتجاوز التي دأب عليها النظام العدواني الحاكم هناك. ليس من توصيف لهذه السياسة التي يتبناها هذا النظام سوي أنها لاتتفق ولاتتوافق مع ما يقضي بها الاسلام الذي يّدعي انتماءه اليه. ليس من تعاليم هذا الدين الاقدام علي مثل هذه الممارسات التي تغذي الانقسامات والفرقة بين المسلمين وكل الامور التي نهي عنها المولي عز وجل المسلمين في قرآنه المجيد.