ومن الأهمية بمكان المواجهة الحاسمة لبلطجة أردوغان المتحالف مع الصهاينة ورفض تسويقه كزعيم سُني وهذا أضعف الإيمان مع عدو سافر ومنحط ولا حدود لعدوانيته.

مِن أين يأتينا الخطر الآن؟.. الإجابة عن هذا السؤال الوجودي ستُحَدِدُ أبعاد وآفاق أمننا القومي التي يبدو أنها تتعرض للتآكل والغموض.. وأري أن الخطر الأعظم الذي يحاصرنا كدولة وأمة هو كارثة سد النهضة الإثيوبي وكل ما يُهدد إستمرار جريان النهر بمنسوب يضمن تواصل الحياة علي ضفتيه في حدها الأدني.. ويأتي بعد ذلك سرطان الفساد والأزمة الإقتصادية ثم غول الإرهاب، فضلاً عن الخطر الداهم الدائم الذي يمثله الكيان الصهيوني وسياساته العدوانية.. غير أن المُراقِب لمستجدات المنطقة والعالم لا يمكنه إغفال تهديد جديد لا يستهدف مصر وحدها وإنما يُنذر بتفجير الشرق الأوسط بأسره ألا وهو شبح الحرب الطائفية.. فهناك طبول صراع سُني / شيعي بدأت تدق بصورة مزعجة.. ولكن علي القاهرة ألا تسمح لأحد أن يجرها إلي هذا الصراع المُفتعل الذي تُزكيه وتؤجج نيرانه دوائر معادية للعرب والمسلمين.. وهو مستنقع قذر يُوظف فيه الدين لخدمة مصالح سياسية وطائفية ضيقة ولا مصلحة لنا في الغوص فيه بل إن مصلحتنا المؤكدة تكمن في تحاشيه ونُصح الآخرين وخاصة الأشقاء بأن ينأوا بأنفسهم عنه..
ونأتي إلي مركز ومصدر الخطر الأبرز علي مصر حالياً وهو تركيا أردوغان الطامحة إلي إعادة ماضيها الإستعماري البغيض تحت راية «الخلافة الإسلامية».. وكان أردوغان الإخواني يعتمد علي دعم جماعته لتحقيق حلمه الإمبراطوري قبل أن يسدد الشعب المصري ضربة قاضية لمشروعه عبر ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم المُرشِد.. ولكن الأغا التركي لم يفقد الأمل لأن هدفه، كما قال خلال حملته الإنتخابية، هو «إعادة كتابة التاريخ بما يناسب العثمانية الجديدة وفي قلبها الإسلام».. وهذه «النعرة» الكاذبة ليست غريبة علي تركيا إذ أن كمال أتاتورك مؤسس تركيا العلمانية الحديثة سبق أن روج لنظرية مبتكرة في التاريخ تنسب للأتراك بناء الحضارات القديمة الكُبري!!.. وحسب هذه النظرية فإن الأتراك نشأوا في وسط آسيا وبنوا حضارة عظيمة هناك ثم تفرقوا في أنحاء العالم ليبنوا حضارات «السومريين والفراعنة وغيرها»!!.. وحتي شعار جمهوريتهم يتكوّن من هلال و12 نجمة في إشارة إلي الممالك التركية عبر التاريخ.
غير أن الرياح لم تأتِ بما تشتهي سفن أردوغان، وفشلت رهاناته علي «الإسلاميين» في بلدان «ثورات الربيع العربي» فضلاً عن تدهور علاقة تركيا مع سوريا ولبنان وبعض العواصم الخليجية وتعقيد العلاقة مع إيران.. وأخيراً جاءت صدمة إنتكاس العلاقات مع موسكو بعد إسقاط الطائرة الروسية إذ ردت موسكو بفرض عقوبات إقتصادية تهدد بتوقف صادرات الغاز الحيوية لأنقرة.. وهنا لم يتورع الحالم بدور «أمير المؤمنين» عن التحول لإسرائيل، عدو المسلمين الأول، وتطبيع العلاقات معها لضمان إمدادات الغاز رغم القمع الوحشي الذي يمارسه الكيان الصهيوني ضد إنتفاضة «السكاكين» الفلسطينية.
وما يُلفت النظر أن النظام التركي متورط في كل الأخطار التي تستهدف أمننا القومي.. ففضلاً عن دعمه الإرهاب الإخواني، تردد أن تركيا هرّبَت أمير داعش البغدادي إلي ليبيا ليكون علي حدود مصر.. كذلك زار أردوغان إثيوبيا وأبدي إهتمامه بالتعاون معها في مشروعات توليد الكهرباء من سد النهضة كما زار الصومال حيث تدير بلاده ميناء ومطار مقديشيو وتري أن تواجدها بالصومال يضمن السيطرة علي باب المندب والقرن الإفريقي.. ومن الأهمية بمكان المواجهة الحاسمة لبلطجة أردوغان المتحالف مع الصهاينة ورفض تسويقه كزعيم سُني وهذا أضعف الإيمان مع عدو سافر ومنحط ولا حدود لعدوانيته.