بعد بدء مجلس نواب ما بعد ثورة ٣٠ يونيو أولي جلساته لممارسة مهامه التشريعية تكون منظومة خريطة المستقبل قد استكملت أركانها. الدخول في هذه المرحلة تُحتم ان تهدأ النفوس وأن نتقي الله فيما يجب ان نؤديه لصالح هذا الوطن. ما أعنيه ينصب بشكل أساسي علي أداء ما يصدر عن أعضاء المجلس الذين تم انتخابهم وكذلك من الأحزاب الهشة التي يتبعونها. إن عليهم أن يقدروا تلك الثقة التي أعطاها لهم الشعب وأن يتحملوا المسئولية بأن تنحصر أهدافهم في انهاض هذا الوطن من عثرته التي استمرت سنوات وسنوات.
لا مجال للجدل العقيم ونزاعات تصفية الحسابات والسعي إلي ادعاء بطولات وهمية أو التطلع الي مكتسبات في أي مجال من المجالات. علي الجميع أن يدرك أن الشعب الذي قام بثورتين متطلعا إلي الانطلاق والتقدم لن يسمح لهم بأي سلوكيات لا تتفق والصالح العام. إننا نرجو أن تساعدهم عقولهم علي الفهم بأن لهذه الدولة دستورا وأن بالامكان وقف كل انسان عند حده عندما يتعدي حدوده سواء كان مسئولا تنفيذيا أو تشريعيا. في هذا الاطار فإنه علي الجميع أن يكون علي إيمان كامل بأنه ليس أبدا بعيدا عن المحاسبة والعقاب وإلحاق لعنة الشعب به.
إن ما يثير الدهشة ما كان يدور قبل انعقاد أولي جلسات هذا البرلمان الاجرائية. بعد أن تم حسم الأمور أتمني أن يكون الجميع علي قدر المسئولية سواء الذين يتمتعون بعضوية هذا البرلمان أو من يقفون في الخلفية علانية أو في الخفاء. لابد أن يسود التعقل وأن تتفهم كل الأطراف أن هذا المجلس يجب ألا يكون وسيلة لمغنم من أي نوع.
لا يمكن بأي حال وفي هذه المرحلة الفارقة من تاريخ مصر معالجة الأمور الغاية في الصعوبة بالتناور واللف والدوران انهم مطالبون بالالتزام بإعلاء المصلحة الوطنية عند بحث أي قضية يتم التصدي لها بالمناقشة أو البحث. لا أحد يوافق علي مواصلة المواقف القائمة علي الرأي الواحد الرافع لشعار موافقون موافقون. يجب أن يكون هناك نقاش لكل ما يعرض ويعتمد علي الدراسة والدقة وصولا إلي القرار الصحيح الذي لا يخدم سوي مصالح هذا الوطن وهذا الشعب. هنا تبرز أهمية الفكر الواعي والاتزان في التعامل مع كل ما يمس المصلحة العامة قبل أي شيء آخر باعتبار أنه ليس علي النائب أي التزام. أمام أحد سوي أمام الله والشعب الذي انتخبه ومن حقه أن يحاسبه في أي وقت.
من الضروري هنا التأكيد علي أهمية الرأي والرأي الآخر لإثراء الديمقراطية التي نسعي ونتطلع اليها. انها السبيل الوحيد للقضاء علي حكم الفرد الواحد وتوافر المناخ للوصول إلي ما يحقق الآمال والتطلعات في حياة كريمة يستحقها هذا الشعب بعد كل معاناته. التوصل لهذا الحلم يستحق أن يكون هناك تناغم جوهره الصالح الوطني الذي يستهدف تحقيق النمو والازدهار والعيش الكريم للجميع