اليوم ذكري مولده. لكنه حاضر دوما في قلوب وعقول الملايين في مصر والعالم العربي. تتذكره علي الدوام رغم رحيله قبل ما يقرب من نصف قرن. لم يفارق الملايين ولم تفارقه في السراء والضراء.
يتذكره الفقراء حين يضيق بهم الحال فيدركون أنه لا بديل عن طريق العدالة الاجتماعية التي تمسك بها وعمل من أجلها طوال حكمه.
ويتذكره الناس في لحظات اليأس، فيذكرون كيف استطاع قيادة الوطن في أصعب الظروف، وكيف تحمل أقسي الهزائم في ٦٧ ليترك مصر والحياة بعد ثلاث سنوات ومصر مستعدة للعبور العظيم.
ويتذكره الناس في لحظات الانتصار.. وما أعظمها وكيف استطاع أن يقود الشعب والجيش لطرد استعمار جثم علي صدورنا أكثر من سبعين عاما. ثم ليستعيد قناة السويس لمصر ويخوض حربا ضارية حتي يجبر الجميع علي احترام حق مصر في القناة وحتي تكون ايراداتها في خدمة بناء السد العالي العظيم.. ثم لدعم اقتصاد مصر في كل الظروف.
ويذكره الناس حين تضيق الصدور بالمظالم. فهذا هو الذي انحاز للفقراء علي طول الخط. اعطاهم الأرض الزراعية ومنحهم فرص العمل في قلاع الصناعة التي انتشرت في طول البلاد. ومنحهم - بكل ذلك - العدل والمساواة والأمل في الأفضل. فأصبح أبناء الفقراء في طليعة من يقودون البلاد في كل المجالات، وأصبحت الطبقة الوسطي هي أفضل ثروات مصر.
ويذكره الناس، فيذكرون كيف حصلوا - في عهد الثورة التي قادها - علي تعليم حقيقي ومجاني أخرج لمصر عشرات الألوف من العلماء الذين مازال بعضهم يضيء حياتنا مثل زويل ويعقوب.
ويذكر الناس فيذكرون كيف وصلت الوحدة الصحية في عهده إلي أعماق ريف لم يكن قد رأي أبناؤه الأطباء من قبل. وكيف كانت الرعاية الصحية للجميع علي قدم المساواة، ولم تكن للاغنياء مستشفياتهم الخاصة، وللفقراء مستشفيات لا تحمل من مقومات العلاج إلا اسم المستشفي.. كما حدث بعد ذلك!!
وتذكره الأمة العربية. فيدرك - حتي من قاتلوه في حياته - كيف سعي للوحدة وكيف كان العون في الحصول علي الاستقلال للوطن العربي كله، ثم كيف كان العون في الشدائد، والحاضر وقت الخطر.
يكاد يقترب نصف قرن علي رحيله. ومع ذلك مازال حاضرا في قلوب وعقول الملايين، ومازالت صوره ترتفع في ميادين الثورة. ومازال أعداؤه وأعداء مصر والعرب يقاتلون ضد كل ما مثله في معان نبيلة، ومن مسار لا بديل عنه للحفاظ علي استقلال الوطن ولتوحيد القوي العربية، ولبناء الدولة الحديثة القائمة علي العدل والحرية وكرامة الانسان.
في ذكري ميلاده. يظل جمال عبدالناصر حاضرا بذكراه. ويظل حضوره مصدر الهام لاستكمال المسيرة والتأكيد علي أن الشعب وحده هو القائد والمعلم. وأن الثورة ستنتصر حتماً. ولو بعد حين.