اليوم يكون قد مضي أسبوع علي أول اجتماعات مجلس النواب الجديد الذي جاء وليدا لثورة ٣٠ يونيو ودستور ٢٠١٤، كل ما أرجوه ان يتمكن المجلس بعد هذه الفترة من القيام بمهامه الخطيرة بعد ان يكون اعضاؤه قد استعادوا توازنهم خاصة بعد هوجة مفاجأة نجاحهم في اكتساب عضويتهم.
كل ما نتمناه ان يتمكنوا من السيطرة علي مشاعرهم وان يدركوا ان الشعب الذي انتخبهم ينتظر منهم الكثير تشريعيا بما يحقق تطلعاته وآماله. عليهم أن يكونوا علي المستوي اللائق بهذه العضوية وان يكون أداؤهم لمسئولياتهم متوافقا وخطورة المرحلة التي نمر بها.
لا مجال للخروجات والتجاوزات فيما يصدر عنهم من تصريحات أو سلوكيات. في هذا الشأن فإن رئيس المجلس وامانته يتحملون مسئولية تبصير الأعضاء الذين يباشرون العمل النيابي لأول مرة بمسئولياتهم وتوعيتهم علي ضوء ايجابيات وسلبيات ما سبق ان قامت به المجالس السابقة.
لابد من مساعدة هؤلاء النواب علي فهم ما يعرض عليهم من قوانين وقضايا من خلال تقديم المعلومات الصادقة. ان الشعب سوف يحكم عليهم من خلال تعاملهم مع كل ما يعرض عليهم. ان مواقفهم بعد ذلك ستكون وسيلة الشعب للحكم عليهم بالصلاحية أو عدم الصلاحية.
لا جدال أن رئاسة المجلس كانت علي صواب عندما اتخذت قرارها بتأجيل البث التليفزيوني المباشر للجلسات لفترة مؤقتة. هذا الاجراء كان ضروريا إلي أن يستعيد بعض النواب توازنهم وصولاً إلي الدرجة التي تجعلهم جديرين بالثقة التي منحها لهم الشعب. من المؤكد ان الامور سوف تستقر بعد ان ينتهي المجلس من نظر القوانين التي صدرت في غيابه بميزان ارتباطها بالمصلحة العامة.
من ناحية أخري فإني ارجو من أجهزة الإعلام أن ترتفع بمستوي متابعتها لنشاط الأعضاء بالشكل الذي لا يؤدي إلي تشويه صورة المجلس ككل. عليها ان تحد من التركيز علي الجوانب السلبية خاصة مع بداية فعاليات المجلس وان تكون عونا للاعضاء في فهم واستيعاب ما هو مطلوب منهم. هذا يتطلب من هذا الإعلام التخلي عن نزعة الاثارة خاصة من جانب برامج «التوك شو».. بهدف جذب المشاهدين الذين انفضوا عنها في الفترة الأخيرة.
وفيما يتعلق بالوزراء وكبار المسئولين فإن عليهم ان يعملوا علي إنجاح هذه التجربة النيابية. انهم وفي هذا الإطار يتحتم عليهم أن يكونوا صادقين فيما يقدمونه للاعضاء من توضيحات ومعلومات. عليهم أن يكونوا صادقين ويلتزموا بالامانة والصالح الوطني باعتبار أن هناك هدفا مشتركا يحكم المجلس بأعضائه ويحكمهم أيضا. يجب أن تكون غاية الطرفين في النهاية هي تحقيق الصالح العام قبل أي شيء آخر.. وفيها يتعلق بالعلاقة بين المجلس والسلطة التنفيذية فإن علي النواب الا يخرجوا عن متطلبات الرقابة الرشيدة لاعمال هذه السلطة يحكمهم في ذلك الدستور الذي نظم المسئوليات.
ان كل ما نتطلع إليه هو ان يكون أداء مجلس النواب الجديد - خاصة بعد فترة الاختبار وما فيها من تجاوزات.. مشرفا ومقنعا للشعب بأنه لم يسقط في امتحان اختبارهم. ان ظهورهم بغير ذلك سوف يمثل صدمة عنيفة للشعب. اننا جميعا نعقد آمالا كبيرة في ان يكون هذا المجلس عونا وعاملا فاعلا إلي جانب الرئيس عبدالفتاح السيسي للقيام بمهامه الثقيلة عبورا إلي الازدهار والتقدم واستعادة مصر المحروسة لمكانتها ودورها الريادي في المنطقة.
في هذا الشأن فإن علينا جميعا العمل علي انجاح التجربة حتي يمكن أن يكون هؤلاء النواب عيوننا في مراقبة ومتابعة السلطة التنفيذية. إن علي أعضاء البرلمان ادراك أن عيون العالم كله تتابعهم باعتبارهم محصلة الاستحقاق الثالث لخريطة المستقبل الصادرة عن ثورة ٣٠ يونيو. ليس هناك ما ندعو به الله سوي أن يصلح حال هذا البرلمان ويهدي أعضاءه ويوفقهم إلي سواء السبيل. ان غير ذلك سوف يمثل نكبة لهذا البلد سوف تجعله يشعر بالاحباط والندم علي مشاركته في الانتخابات التي جاءت به.