من أكثر الأمور فجاجة واستخفافا بعقول الناس ما نراه ونسمعه ونقرأه هذه الايام، من محاولات البعض للترويج لادعاء يقول بأن التقرير الصادر عن لجنة تقصي الحقائق، في التصريحات المنسوبة الي المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عن وقائع الفساد خلال عام٢٠١٥، ليس المقصود به تبيان الحقيقة والوقوف علي مقدار الصدق من عدمه فيما هو منسوب اليه،...، ولكن المقصود هو التنكيل بشخص المستشار.
واللافت للإنتباه أن البادئ بالترويج بإصرار واضح لهذا الادعاء، هم جماعة الإخوان وأبواقهم الإعلامية الزاعقة والمنصوبة في تركيا وقطر، وهذا طبيعي في إطار محاولاتهم الدائمة والمستميتة للإساءة لمصر والتشكيك في كل شيء وكل قرار، في إطار مسعاهم لإثارة البلبلة وعدم الاستقرار.
ولكن المثير للإندهاش في هذا الأمر، أن يسير معهم ويتوافق مع توجههم ويؤيد نهجهم بعض الشخصيات والرموز المنتسبة الي جماعة المثقفين والمفكرين المهتمين بالشأن العام، فنراهم يتبنون وجهة نظرهم ويحاولون جاهدين الترويج لما يدعون،،.، بحجة أنهم يستشعرون خشيةأن يكون الهدف هو مهاجمة المستشار وشن الحرب عليه بدلا من شن الحرب علي الفساد ذاته.
ويقولون في ذلك، ان ما ذكره رئيس الجهاز ليس فيه جديد، بل هو تقرير لواقع موجود لفساد قائم ومنتشر ومعترف به من جانب الرئيس والحكومة،..، وبالتالي فلا موجب للمساءلة أو تقرير لجنة تقصي الحقائق.
ورغم احترامي لهؤلاء وغيرهم، إلا ان هذا بالفعل موقف بالغ الغرابة، فلا يستقيم أبدا ولا يقبل علي الاطلاق أن تتجاهل الدولة تصريحا خطيرا، مثل الذي نسب الي رئيس الجهاز، دون أن تتحقق منه وتتأكد من مصداقيته، وصحة ماجاء فيه من بيانات وأرقام، هي بالقطع ذات تأثير بالغ وكبير علي الأمن القومي للبلاد، نظرا لما تعكسه من ردود فعل اقتصادية وسياسية مغرقة في السلبية، وما يثيره من احباط شديد لدي عموم الناس في توقيت لافت للانتباه.
ونحن في ذلك كله لا نقيم وزنا للإدعاءات التي يروجها البعض، عن ان المستشار من الخلايا النائمة للجماعة، أو أنه من المتعاطفين معها،...، فذلك لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالي والمستشار ذاته ،..، أما نحن أو غيرنا فلا نملك العلم بالضمائر وما تختزنه الصدور.