علي أي حال من يتابع الكلام شكل تاني سوف يستمتع بالمعرفة والحوار ومن يكون ضيفا فيه فعليه أن يطمئن أنه مع محاورة جيدة جدا تعطيك الحصانة من أول لحظة

نجحت الإعلامية الموهوبة أن تشدني إلي التليفزيون من خلال صالونها الأسبوعي علي شاشة «دريم» في حوار حر له شكل تاني في دولة بتحلم كل يوم بأمن واستقرار ومعهما عدالة اجتماعية وعن وطن ساكن فينا محتاج تفكير وعمل ومعاهم أمل.. هذه رؤية رشا التي تفوقت علي نفسها في إدارة الحوارات واختيار الموضوعات.. ولكي أكون منصفا أن القضايا التي تتناولها ليست قضايا للشو الإعلامي أو للفرقعة السياسية، لكنها قضايا في بناء وطن وتصحيح مسار أجيال..
- أنا شخصيا لم أكن أتوقع البراعة وقوة الشخصية التي كانت تتميز بها في برنامجها الذي يحمل اسم «كلام تاني» فهو فعلا شكل آخر في الحوار وفي الشخصيات والموضوع.. والذي أعجبني فيها إحترامها لضيوفها الذين يحصلون عَلي حصانة وهم عَلِي مقاعدهم.. فهي لا تسمح بالمداخلات التي تتطاول علي ضيوفها باعتبارهم أصحاب رأي كما ترحب بالرأي الآخر حتي ولو كان يحمل نقدا لكنها تتصدي في حزم للتجريح وهذا ما حدث في مناقشتها لملف الشباب بمناسبة تخصيص عام 2016 لهم.. وكانت قد استضافت اثنين من شبابنا هما الكاتب الدكتور محمد فتحي يونس وتامر النحاس أمين التنظيم في الحزب الديمقراطي الاجتماعي وللحق حوارهما كان ممتعا مع رشا وكان يحمل الصدق والشفافية وهذا شجعني لمتابعة البرنامج حتي نهايته.. نجحت رشا نبيل في أن يكون الحوار عقلانيا جدا يتمتع بالحس الوطني وهي تستعرض ما لا تتناوله الساحة من مشاكل يعاني منها الشباب، ومع ذلك لم تعجبني روح الشباب بينهم وبين بعض من خلال المداخلات التي تخللت الحوار علي الهوا.. مع أن المفروض كل من ينوي التعليق عَلي موضوع أن يكون دقيقا في استيعابه لأقوال الضيف حتي لا ينسب إليه أقوالا مغلوطة قد ينتج عنها انفلات في الأعصاب وردود غير مستحبة بسبب تأويل الضيف.. ولولا حنكته الرائعة لتحولت مداخلة المتحدث الإعلامي لحركة «تمرد» لمعركة علي الهوا.. مع أن الضيفين كانا في قمة التحضر.. لا أنكر أن مداخلة عضو البرلمان طارق الخولي كانت راقية جدا فقد ضرب مثلا رائعا في كيف تكون المداخلة وكان منصفا لمجموعة من الشباب خاضوا معارك شرسة أمام المال السياسي ومع ذلك نجحوا وأصبحوا أعضاء في مجلس النواب..
..وعن مكاسب الشباب أعجبني تامر النحاس وهو يسأل من منا يكره الاستقرار لهذا البلد ومن منا مصلحته في أن يقتل الأمل.. مع أن من مصلحة الشباب أن ينجح الوطن وينجح النظام في إدارته لحكم البلاد.. لكن عتابه علي النظام سوء الإدارة في التعامل مع ملف الشباب فالمفروض ألا يتعامل مع الشباب علي أنه فصيل.. وقال إنه سعيد بالإنجازات التي تحققت ومن يتابع خطاب الرئيس السيسي يجد فيه مجموعة من الإنجازات تحمل آمالا عريضة لمستقبل مصر، لكن هناك فرقا بين الآمال وبين الواقع فالشباب مرحلة عمرية لها طبيعة خاصة، لابد أن تكون هناك رؤية عندما نختار مشاريع للشباب..
.. وعلق الشاب تامر النحاس علي مشروع الأراضي الزراعية التي ستقوم الحكومة بتوزيعها علي الشباب قائلا.. مع احترامي لهذا المشروع لنا تجارب سابقة لماذا لا نستفيد منها فقد سبق أن باع الشباب هذه الأراضي وتعالوا قابلوني لو حد منهم عنده أرض مزروعة.. عن نفسي أؤيده في هذا الرأي لأنك تعطي قطعة أرض لشاب ليس له علم بالزراعة ثم أن الزراعة خبرة وتحتاج إلي أعباء مادية وخاصة أنها لم تعد يدوية جميع الزراعات الحديثة بالميكنة الزراعية يعني معدات بفلوس والشباب مفلس حتي لو اقترض من البنوك، أصحاب المزارع والفلاحون يعانون من شبح السجون بسبب الديون..
- ويضيف الكاتب الدكتور محمد فتحي يونس كلاما موزونا فيقول «تخصيص عام للشباب خطوات إيجابية» لكن أين حق الشباب في تكافؤ الفرص.. عندنا شباب متفوق لكن لأن آباءهم أنصاف أميين حرموا من ترشيحات النيابة.. فعلي الدولة أن تعيد ترتيباتها أولا حتي تتحقق العدالة الاجتماعية، ويؤكد يونس علي أن ثورتي يناير ويونيو ليست ثورات شباب لكنها ثورات شعب.. لذلك لا أريد تقسيما للأجيال..
- الحوار تناول موضوعات كثيرة عن الشباب وعن التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر.. لكن كانت لهما اعتراضات علي إغلاق النوافذ وضربوا مثلا بالإجراءات التعسفية التي أعادت العالم الدكتور عصام حجّي إلي خارج مصر مع أنه كان المستشار العلمي لرئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور وعندما حاولت مكتبة الاسكندرية إقامة ندوة له ألغيت.. طبعا هذا الكلام لم يكن متداولا إلا علي الفيسبوك دون أن يصدر بيان عن سبب إلغاء هذه الندوة..
- المهم الحوار أمتعني والذي أمتعني أكثر إيضاحات الإعلامية الناجحة رشا نبيل والتي طرحت استفسارا قالت فيه.. لقد سألت يوما لماذا لم يعين الرئيس الشباب في بعض المواقع القيادية.. فكانت الإجابة بسبب الكفاءة.. وهذا معروف علميا أن المعيار هو الكفاءة للموقع الذي يشغله الإنسان وأنا معها ومع هذا الرأي..
- علي أي حال من يتابع الكلام شكل تاني سوف يستمتع بالمعرفة والحوار ومن يكون ضيفا فيه فعليه أن يطمئن أنه مع محاورة جيدة جدا تعطيك الحصانة من أول لحظة دخولك الاستديو.. برافو رشا نبيل.. برافو شبكة دريم، لقد أثبتت التجربة أن قنواتنا الفضائية في حاجة إلي مثل هذه البرامج لنتخلص من مسلسلات البانجو..