أخيرا حسم الموت المأساة.. حسم العذابات الطويلة والبؤس والشقاء.. حسم حتي البكاء،وكل أشكال الحزن والتأسي عليه.. هدأت الروح القلقة والمعذبه، صعدت إلي حياة أرحب، يقينا هي أكثر رحمة، وأكثر رأفة من ذلك العالم القاسي الذي عاشه، وتمزقت فيه روحه، دون أن يطمئن يوما أو يرتاح.. مات عبد العزيز مكيوي أو(علي طه) بطل فيلم (القاهرة 30 )أمام سعاد حسني.. دور لا يمكن نسيانه،هو إحدي العلامات في تاريخ السينما المصرية والعربية، استطاع أن يحفظ موهبة الفنان الكبير، الذي لم تسعفه الأيام إلا بالقليل النادر من الأعمال الفنية (لا وقت للحب،لا تطفيء الشمس،أوراق مصرية)..قال عنه نور الشريف إنه أكثر الفنانين موهبة وثقافة.. وتلك حقيقة،تخرج عبد العزيز مكيوي من معهد الفنون المسرحية 1954 ليضيف إلي الموهبة علما وثقافة، تجسدت بعمق في أدائه الخاص المميز.. درس الإخراج في روسيا ثم أكمل دراسته في لندن، وحصل علي دبلومتين في السياسة وترجمة الأدب، وأتقن 3 لغات (الروسية والإنجليزية والفرنسية)..لكن ظل دائما يحمل عذابه وشقاءه وقلقه، فأصيب بمرض نفسي دفعه للعزله والتباعد، وحياة التشرد في شوارع القاهرة والأسكندرية لسنوات طويلة، كثير من المرات حاولت (نقابة الفنانين) مساعدته وتأمين إقامة له،وتوفير علاج داخل مستشفي القوات المسلحة، لكنه في الأغلب كان يهرب إلي الشارع مرة أخري، إلي أن انتهي به الحال لدار المسنين لتنتهي حياته، أو ينتهي عذاب فنان كبير!!