كان رائعا أن يكون رئيس الدولة في استقبال ابنائنا الذين تم تحريرهم بعد أيام عصيبةتم فيها اختطافهم من عصابات الارهاب في ليبيا. من المهم أن يطمئن كل مواطن علي حماية الدولة له في الداخل والخارج. ومن المهم ايضاً أن تصل الرسالة لعصابات الارهاب بمعاقبة أي تحرك ضد مصر وأبنائها. تستوقفنا لقطة في المشهد حين سأل الرئيس وعرف من العائدين من رحلة الشقاء أنهم لا يملكون شيئا معهم، فيأمر الرئيس بمنح كل منهم «ألفين أو ثلاثة آلاف جنيه حتي لا يدخلوا علي أهلهم وأيديهم فاضية».
في نفس الوقت تقريبا كان البعض في إحدي لجان مجلس النواب يدخلون معركة ضارية ضد مشروع القانون الخاص بالثروة المعدنية بدعوي أن أصحاب المحاجر إتخربت بيوتهم.. كما قيل، لأن القانون القديم كان يعطيهم المحاجر بملاليم، وكان يترك ثروات الدولة تذهب للمحاسيب الذين يحصلون علي الامتيازات الخاصة بالتعدين والرخام والمحاجر.
تم تعديل القانون بعد ٦٠ عاما علي القانون القديم. وتأمل الحكومة أن ترتفع إيراداتها من هذا البند الي ١٠مليارات جنيه، بعد أن كانت لا تتجاوز ٥٠٠ ألف جنيه. قد تكون هناك تفاصيل في اللائحة التنفيذية للقانون تحتاج لتعديل، لكن المبدأ صحيح.. وترك ثرواتنا المعدنية للنهب المنظم والذي كان يحميه القانون وترعاه المحسوبية هو جريمة لا يمكن أن تستمر.
ومع ذلك فإن المشكلة ليست مشكلة هذا القانون وإنما مشكلة التوجه الذي يحكم المجلس والذي تحكم في جزء كبير من انتخاباته «المال السياسي» والذي نري غلبة اليمين عليه، ونعرف قسوة المعركة التي ستواجهها القلة القليلة من النواب التي تضع العدالة الاجتماعية في مقدمة أهدافها.. والتي تدرك حجم الخطر الذي يمثله تمسك أصحاب الثروات الطائلة بامتيازاتهم.. وعدم تحقق العدالة في توزيع الأعباء علي الجميع، وتبني السياسات التي تحافظ علي ثروات الوطن وتمنع نهب المال العام.
والشواهد تقول ان القادم أصعب حيث سيكون علينا تحديد طريق التنمية والبناء الذي نختاره، وحيث سيكون مطلوبا سياسات اقتصادية تنحاز للصناعة الوطنية ضد السمسرة والاستيراد.. وتنحاز لاستقلال القرار المصري وليس للتبعية وتختار ان تكون العدالة مع التنمية في طريق واحد، حتي لا تتكرر المأساة التي عشناها علي مدي أربعين سنة كانت نتيجتها مواطنين يعانقون الموت (كما فعل إخوتنا في ليبيا) بحثا عن لقمة عيش شريفة وأصبح عليهم الآن ان ينتظروا حتي تنتهي الظروف المأساوية هناك.. بينما «الآخرون» مازالوا يتمسكون بامتيازاتهم ويستعدون لما هو أكثر، وأخطر!!