الامر الذي لم يستطع اصحاب الضمائر الحية الوطنية السكوت حياله، فرفعوا دعاوي قضائية امام مجلس الدولة بإلغاء العقود واستعادة الشعب لشركاته مرة اخري.
رفض مجلس النواب في اطار مناقشته واقرار القرارات بقوانين الصادرة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس السابق الانتقالي عدلي منصور، القرار بقانون المتضمن تعديل قانون العقود التجارية بشأن تنظيم الطعن علي هذه العقود، حيث قصرها علي المخاطبين بالعقد وما عدا ذلك فسلطة النيابة العامة. ولاشك ان هذا التعديل وصفته القوي الوطنية بأنه «قانون حماية الفساد وتقنينه»، بسبب انه يمنع الشعب من الرقابة علي امواله وممتلكاته، وبالتالي فلتبع الحكومة ما تريد دون رقابة شعبية. وقد رأينا جميعا تحت سمع وبصر الجميع بما فيهم الاجهزة الرقابية والسيادية، قيام حكومات نظيف وما قبلها، ببيع شركات القطاع العام والتفريط فيه بأبخس الاثمان، الامر الذي لم يستطع اصحاب الضمائر الحية الوطنية السكوت حياله، فرفعوا دعاوي قضائية امام مجلس الدولة بإلغاء العقود واستعادة الشعب لشركاته مرة اخري.
لقد كنت شريكا في هذا عندما كنت «نائبا مستقلا» امام البرلمان ٢٠٠٥/٢٠١٠م، فلاحقت الحكومة بالاستجوابات اولها: الغاء بيع عمر أفندي، وآخرها إلغاء تدمير وتخريب شركات أربع ملك عام، بترولية وهي القاهرة لتكرير البترول، وبتروجاس، والجمعية التعاونية للبترول، ومصر للبترول، لصالح شركة «المصرية لتكرير المازوت» والمسماة «أجريوم مسطرد»، وهي شركة ملك شركة القلعة وهيرمس وأكبر المساهمين اولاد مبارك اللصوص والمزورون بحكم قضائي نهائي وبات في قضية القصور، وأولاد هيكل وأحدهما علي قوائم ترقب الوصول. حيث ان هذا التداخل والتفريط والاستحواذ في العقود المبرمة، فيها فساد كبير بلا حدود وقد توقفت الدعاوي القضائية امام مجلس الدولة لاسترداد باقي الشركات، وطعنّا بعدم الدستورية علي «قانون عقود عدلي منصور»، ومازال في ادراج المحكمة الدستورية للان!! وقد استطعنا استرداد نحو «١٠» شركات، شاركت امام المحكمة في اغلبها وفي مقدمتها عمر أفندي وسيمو للورق «الشرق الأوسط» ببهتيم شبرا الخيمة ثان، والمراجل البخارية، وهي اكبر عملية تفريط بلا حدود «حيث تم بيعها بـ ٣٥ مليون جنيه!!» وبيعت بالمليارات بعد ذلك!! ولكننا استرددناها ولكن الحكومة لا تدرك اهمية ما استرجعناه وأهملته، دعما لاستمرار مسلسل التخريب والتدمير العمدي، رغم ان تشغيل شركة المراجل يدعم مشروع الطاقة النووي المصري !!
كما بيعت شركة اسكو للغزل والنسيج بأبخس الاثمان، لشركة كريستال عصفور، وكانت النتيجة تصفية كريستال لشركاته علي ارض شركة اسكو، وبيع الموقع اراضي فضاء بالتواطؤ مع الاجهزة بكل اسف، واشتراها تجار «مافيا الاراضي» في شبرا الخيمة!! فأين الالتزام بقوانين الخصخصة وعقود البيع ومنها: «عدم بيع اراضي الشركة المبيعة!!، واستمرار النشاط واستمرار العمالة والتوسع في الاستثمار!!» فأين الواقع من كل كذلك؟! انظروا لشركة ايديال التي بيعت بـ ٣١٥ مليون جنيه، رغم ان قيمتها الفعلية نحو «٥» مليارات جنيه، وهناك ارض «مصنع لإيديال» عند شبرا المظلات، تم هدم المصنع وجري بيع الارض فقط بـ «٥» مليارات جنيه واوقفت ذلك اثناء نيابتي عن الشعب، ولكن لا ادري ماذا جري في هذه الارض!! فأين الاجهزة والحكومة ؟! من هنا تأتي اهمية الرقابة الشعبية المباشرة واستثمار القضاء لإنصاف المظلومين واسترداد اموال الشعب التي تفرط فيها الحكومات المتعاقبة، ولا تنسوا «مدينتي» وبيعها بأبخس الاثمان لشركة طلعت مصطفي بسعر «١٧.٥» للمتر، مع توصيل الدولة لجميع المرافق للاغنياء، علي حين ان الثمن الحقيقي كان «٣٠٠٠» للمتر الواحد، فضاع علي الدولة نحو «١٠٠» مليار جنيه!!
لذلك فإن مجلس النواب حقيقة في اختبار جاد للغاية، اما ان يكونوا مع قانون لتقنين الفساد وغلق الطريق امام رقابة شعبية علي عقود الحكومة الباطلة، وإما ان يقفوا في مواجهة القانون واسقاطه بالضربة القاضية لتستمر الارادة الشعبية في مواصلة دورها في احكام الرقابة علي اموال الشعب.
وقد جاءت الخطوة الاولي من غالبية اعضاء البرلمان الذين رفضوا بالفعل هذا القانون، وتم تحويله إلي اللجنة مرة اخري لإعطاء الحكومة فرصة في مواصلة الضغوط لتمريره مرة اخري، وإذا لم يصمد البرلمان امام هذه الضغوط، وألغي بالفعل هذا القانون، فإن البرلمان يكون قد سقط في حفرة انعدام الشرعية، واصبح هو الآخر غطاء جديدا للفساد حال تمريره لهذا القانون، ولم يعد أمام القوي الوطنية إلا ممارسة الضغوط علي المحكمة الدستورية لنظر القانون رغم مضي عامين علي احالته اليها، عل وعسي ان يأتي الفرج!! والله الشاهد، والثورة مستمرة حتي تحقيق كل متطلباتها العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الانسانية، وستظل ثورة ٢٥ يناير ووليدتها ٣٠ يونيو، اساس الشرعية والمرجعية. ومازال الحوار متصلا