لأن الموضوع علي بعضه لو تمت دراسته سيكون مشروعاً متميزاً وفق اشتراطات بيئية وصحية يجب اتخاذها
بما أن مقالات اليوم التي سترد إلي الرئيس السيسي في تقرير (الرأي العام) الذي يعده له مكتبه، مستشهداً بالمقالات الصحفية، وبعض قضايا السوشيال ميديا ستتحدث في الغالب عن زيارة الرئيس الصيني بالأمس، والاتفاقيات المختلفة التي وقعها مع مصر، والنجاح الكبير لزيارته، والذي نثمنه، بعد الاستعدادات الذكية للزيارة، والأداء الرائع الذي نعرف أثره جيداً، وبما أن موضوع تحرير المصريين من ليبيا فات عليه ثلاثة أيام، وبما أن الشكر لا يفي رجال المخابرات العامة حقهم، وبما أن موضوع البير الذي سيكفي مصر 100 عام والذي حكي عنه وزير الري حكايات أسطورية ذكرتنا بجهاز الكفتة طيب الله ثراها، فيمكن أن نكتب عن موضوع مختلف بعض الشئ لعل القارئ يتفق معي فيما أريد إبلاغه للرئيس.
شوف يا ريس. كان يا مكان، في حاضر العصر والأوان، علي مدخل مدينة الشيخ زايد، بعد الهايبر بقليل، شاب محترم اسمه ياسر، ويناديه أصحابه وزملاؤه وجيرانه بلقبه الشهير : أبو سيف. ياسر من البراجيل في الأساس، لكنه (عزل) وجاء ليسكن في زايد، ولأن الوظيفة الحكومية لا تأتي، ولأنه (شاطر) ويفكر خارج الصندوق، ولأنه مطلع علي السوشيال ميديا، فقد لفت نظره عربات الأطعمة المتنقلة الموجودة في العديد من الدول الأوروبية، وهكذا استدان ليشتري سيارة نقل، ركب فيها (كشك) وجهزها بالجريل والثلاجة والحنفية، وأخذ موافقة (الصحة) وبدأ في بيع ساندوتشات الكبدة لهؤلاء العائدين من أعمالهم متأخراً بعد التاسعة مساء وحتي الفجر. هو يستعين بمولد كهرباء، وينظف مكانه بعد أن يرحل زبائنه، ويقف في مكان لا يعطل المرور علي الإطلاق، ويصدق تصريحات الرئيس بدعم الشباب، بل ويشعر وكأن العربات التي ستوزع، ضمن برنامج الرئيس، تشبه فكرته، لكن لا (القسم) عاتقه، ولا رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد (سايبه)، يتركوه يتركوه ثم فجأة يطالبوه بالرحيل، طيب أقنن يا فندم، ادوني تصريح، اكتب طلب، يكتب الطلب، ولا أحد يرد، وهكذا يغلق بالأيام خوفاً من الجهاز أو من القسم، قبل أن يعود بعد أن ينسوه، علي الرغم من أن عربات تخص شركات اتصالات تؤجر أماكن أخري لبيع الخطوط بمبالغ زهيدة. أبو سيف (أنظف) من كثيرين يسرقون، وساندوتشاته (أحلي) و(أنظف) من محلات كبري ولو أراد الرئيس أن يجرب فأهلاً وسهلاً به وبطاقم حراسته لكن بعد العاشرة مساء، وليأتي مبكراً لأن السجق بيخلص بدري. الرئيس مفترض إنه (مالهوش دعوة) بموضوع زي ده، لكن لأن الحكومة بليدة، ولأن المسئولين مش مسئولين، ولأن الرجل يريد ترخيصاً وسيدفع ثمنه، ويوفر فرص عمل للشباب، ولأن الموضوع علي بعضه لو تمت دراسته سيكون مشروعاً متميزاً وفق اشتراطات بيئية وصحية يجب اتخاذها، فها نحن نكتب، لاسيما وأن رئيس الجهاز (مش عايز يحل)، وينتظر (أمراً) من (وزير الإسكان) والموضوع (كبير) بمنطق : ما احنا لو رخصناله لازم نرخص لغيره، طيب سعادتك ماترخصوا للكل بدل ما ترخصوا للتكاتك التي يقودها مسجلون، واعتبروه نموذجا محترما لشاب يريد أن يأكلها بالحلال، هو وغيره، هموماً الدعوة مفتوحة لوزير الإسكان نفسه الذي يقطن هو الآخر في الشيخ زايد لكن علي ما يبدو (بياكل) من برة !!
أما وقد قلت ما قلت، فهي فرصة لطيفة لدعوة رجال الداخلية بالمرة لأكل الكبدة والسجق وسماع كلمتين محشورين في زور العبد لله عن (أسلوبهم) الذي سيصيب البلد كلها بتلبك معوي لا نريد أن يؤدي لأحداث قديمة، لا نرجو أن تعود. وأقصد بذلك قضية زميلنا المصور أحمد يوسف الذي نزل لتصوير مناظر طبيعية وأشجار ففوجئ (بتلفيق) تهم، وكلابشات، وحبس، ووجع دماغ ليس له أي لزوم، لمجرد أن الضابط غير مؤهل، وبدلاً من أن يتأكد منه بالسؤال الأمني المعتاد، لفق له وكتب له محضراً، وحين خرج أحمد وحكي ما حدث أكد لنا يقيننا بحاجة كثير من الضباط لتأهيل أو علاج أيهما أنفع.
لا ينسيني الأمر تضحيات رجال آخرين شرفاء بحياتهم من أجلنا، ولا ينسينا الترحم علي الأبطال الذين سقطوا أمس، والذين نرجو ألا يتحولوا مع مرور الوقت إلي أرقام، وأن تخلد ذكراهم ونعرف أسماءهم وبطولاتهم لنحكها لأولادنا، لكن بطريقة احترافية وليس علي طريقة الشئون المعنوية في فيلمهم الركيك الأخير الذي قام ببطولته نجم شبابنا أحمد عبد العزيز بالاشتراك مع هيكل عظمي.
هل وصلت الرسالة ؟؟ إذا لم تصل، نتقابل عند ابو سيف بتاع الكبدة، علي أمل ألا يتغابي مسئول قاصر النظر بعد هذا المقال ليزيله بالكامل، فيأتي الرئيس، ولا يجد الكبدة والسجق في انتظاره.. أديني حذرتكم