قبل أن تحل ذكري ثورة ٢٥ يناير بـ ٢٤ ساعة أرجو أن نكون مازلنا نذكر ما قامت به جماعة الإرهاب الإخواني قبل حلول هذا اليوم في العام الماضي والعام الذي قبله من ترويج لسيناريوهات نشر للرعب والترويع بالشارع المصري. إنهم يحاولون بهذه التهديدات الوهمية «الفشنك» استرجاع حلم ٢٨ يناير ٢٠١١ الذي كان بداية مخططهم للسطو علي ثورة ٢٥ يناير التي قام بها شباب أطهار لم يكن من هدف لهم عندما ثاروا سوي إصلاح أحوال هذا الوطن. استطاعت الجماعة الإرهابية بعد أن تمكنت من السيطرة علي هذه الثورة بمساعدة القوي الأجنبية والعملاء والجُهال في الداخل.. عن طريق التضليل والخداع والإرهاب والتجارة بالدين حتي وصلت بالتزوير إلي حكم مصر.
في ٣٠ يونيو وبعد أن اكتشف الشعب حقيقتهم وهول المؤامرة التي دبروها لتدمير الدولة المصرية وطمس معالمها جاءت ثورته العارمة التي ساندتها قواتنا المسلحة مثلما ساندت ثورة ٢٥ يناير. هذه الثورة وضعت نهاية للحكم الإخواني الذي مازال يعيش في غياهب أوهامه حتي الآن. إن الغيبوبة التي تعيشها الجماعة الإرهابية وقيادتها بتأثير صدمة خلاص الشعب منهم هي التي تدفعهم للتهديد بهذه الممارسات الإرهابية اليائسة التي لا طائل من ورائها سوي المزيد من الاحباط بشأن مستقبل وجودها. ليس من تفسير لما تقوم به الجماعة وما تهدد به سوي إنه - كما سبق أن ذكرت بعد سقوطهم - «حلاوة روح» نتيجة انكشاف مخططاتها التآمرية ولفظ الشعب لها وهو الأمر الذي يؤشر ببلوغ نهايتها المحتومة. إن الشعب المصري ومن ورائه قواته المسلحة وجهاز أمنه القائمين علي حماية هذا الوطن علي ثقة بأنه سوف يحتفل بثورة ٢٥ يناير في أمن وسلام دون أن يكون لتهديدات و«جعجعة» الجماعة الإرهابية وأذنابها أي تأثير علي مسيرته نحو التقدم والازدهار.
الشيء المضحك والمثير للسخرية أن تتبني عناصر جماعة الإرهاب الإخواني الدعوة للاحتفال بذكري ثورة ٢٥ يناير التي لم تشارك في صنعها. إن كل علاقتهم بهذه الثورة هو التخطيط للسطو عليها بعد أن ظهرت بوادر نجاحها بوقوف القوات المسلحة بقيادة المشير حسين طنطاوي إلي جانبها. كما هو معروف كان الرئيس الأسبق حسني مبارك قد كلف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون الوطن بعد تنحيه للاضطلاع بمهمة التصدي لحالة الفوضي التي دبرتها الجماعة الإرهابية.
كانت بداية السطو علي ثورة ٢٥ يناير عملية اقتحام سجن وادي النطرون لإخراج القيادات الإخوانية بمساعدة مجموعات قتالية مسلحة من حركة حماس احد روافد الجماعة الإرهابية. صاحبت هذه العملية قيام العناصر الفوضوية المتعاونة التي تم تجنيدها بمهاجمة أقسام الشرطة والمؤسسات الحكومية. تحالف مع هذا المخطط الإخواني عملاء القوي الأجنبية التي تم تدريبها وتمويلها للقيام بنشر الفوضي والانفلات الأمني وفقا لبرنامج الفوضي الخلاقة. هذه الخطة كان قد تم وضعها لتقسيم وتمزيق العالم العربي بعد حادث الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مدينة نيويورك في سبتمبر ٢٠٠١. اتخذ هذا البرنامج التخريبي شعار الانتصار للديمقراطية المزيفة التي ظهرت نتائجها بما يعاني منه حاليا العالم العربي من صراعات وضياع ومحاولات لطمس الهوية والوجود.
هذا الغدر الإرهابي الإخواني التاريخي تمثل في العديد من حوادث الاغتيالات التي قامت به عناصرها ابان حكم الملك فاروق. كانت قد تحالفت معه من أجل التصدي لشعبية حزب الوفد ونقضت هذا التحالف باستهداف رجاله بالاغتيال. كان ذلك دافعا للملك إلي اصدار أوامره للقلم السياسي بقتل زعيمها حسن البنا. لم يكن هذا السلوك غريبا علي الجماعة التي تم تأسيسها بأموال الاحتلال البريطاني التي قام بدفعها ممثلون في إدارة قناة السويس.
حاولت الجماعة استقطاب جمال عبدالناصر بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ بالدعم والتأييد والمساندة ولكنه تنبه إلي مخططهم غير الوطني. أدي عدم استجابة هذا الزعيم الوطني لعملية هيمنة وسيطرة الجماعة علي الثورة إلي الانقلاب عليه ومحاولة اغتياله في حادثة المنشية الشهيرة بالاسكندرية.
كان من نتيجة ذلك القبض علي الآلاف من أعضاء الجماعة ووضعهم في السجون بينما تمكن عدد من رموزهم من الهرب إلي بعض الدول العربية خاصة السعودية.
اختفي وجود الجماعة كلية من الوطن المصري علي مدي سنوات حكم الزعيم عبدالناصر إلي أن تولي الزعيم أنور السادات الحكم في ظروف غاية في الصعوبة أحد معالمها وجود الاحتلال الإسرائيلي علي جزء من الأراضي المصرية.
ونتيجة لما تعرض له السادات من هجوم وتشويه ومحاولات لنشر الاضطرابات من جانب اليسار المصري اتخذ قراره- الذي لم يكن صائبا- بعودة الرموز الإخوانية المشردة خارج مصر مع السماح للجماعة باستئناف نشاطها لمواجهة اليسار المصري. لم تحفظ الجماعة جميل السادات وإنما والتزاما من جانبها بمبادئها وتوجهاتها ونزعاتها الإرهابية قامت باغتيال السادات عام ١٩٨١.
الشيء الغريب والمهين ادعاء الجماعة للثورية وأنها كانت من مؤسسي ثورة ٢٥ يناير وهو ما كان ينفيه كلية خضوعها الكامل لأوامر وتوجيهات وضوابط الأجهزة الأمنية التي كانت تتمتع بنفوذ هائل عليها خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. لم تخف اعلان ولائها لهذا الحكم وهو ما تمثل في تأييدها لرموز الحزب الوطني في بعض الدوائر الانتخابية بالقاهرة وبعض عواصم المحافظات ووصفهم بالقيم الوطنية. هذه المواقف المفضوحة لم تمنع هذه الجماعة الإرهابية من السعي إلي تنفيذ مخططها الأممي الذي يلغي الوجود الوطني باستخدام الممارسات الإرهابية.
وهكذا استغلت الجماعة قيام ثورة ٢٥ يناير وسيطرت علي مقدراتها بمساعدة عملاء الثورة الخلاقة ونجحت بالخداع والتضليل والتدليس والتزوير ودعم ومساندة القوي الأجنبية بقيادة واشنطن من الوصول إلي حكم مصر. وتفعيلا لمخطط الخداع والتضليل الذي لم يعد يخيل علي الشعب ولانها مازالت واقعة أسيرة لحلم العودة إلي حكم مصر الذي مازال يداعب.. خيالها المريض جاءت الدعوة لنشر الفوضي في الاحتفال بذكري ثورة ٢٥ يناير. إن سلاحها في ذلك وكعادتها التلويح بعمليات الترويع والتخويف وهو ما لم يعد أمرا مقبولا لا من الشعب المصري ولا من الدولة المصرية بالتوافق الوطني علي التصدي بكل قوة وحسم لأي خروج علي القانون. إن الشعب الذي اشعل ثورة التصحيح في ٣٠ يونيو للخلاص من سرقة جماعة الإرهاب الإخواني لثورة ٢٥ يناير لن يسمح بأي حال بعودتها إلي الحياة مرة أخري تحت أي مسمي.