شاءت الظروف ان نكون خارج البلاد يوم اندلاع احداث ٢٥ يناير أنا وأخي سميح وكنا نجلس امام التليفزيون يومها وفاجأتنا الأحداث... فقررنا فورا الرجوع إلي مصر وذهبنا لركوب الطائرة ولكن فوجئنا بأن مطار القاهرة قد أغلق فاتصلت بمكتب الراحل اللواء عمر سليمان وأخطرت مدير المكتب بأني قد اتفهم ان يتم اغلاق المطار أمام الهاربين اما ان يغلق امام من يريد العودة إلي وطنه فما المنطق؟ وأفلحت مساعينا حتي إن اللواء عمر سليمان الله يرحمه قد قال لي عندما ذهبت لمقابلته « شفت بقي الصعايدة جدعان إزاي (علي أساس انه من قنا وصعيدي مثلي)... أصحابك هربوا كلهم وأنت طلبت واسطة علشان ترجع «... في إشارة إلي هروب بعض رجال الأعمال فور اندلاع الثورة وقيام قناة الجزيرة بالإعلان كذبا عن هروبنا مع رجال أعمال آخرين.
وقد توالت لقاءاتي مع هذا الرجل العظيم في محاولة لتجنيب انهيار الدولة بعد تكوين مجلس الحكماء ولم تفلح المحاولة... اتصلت به ايضا يوم الأربعاء الدامي عندما تصدت قوي البلطجة المحمية من النظام للشباب في التحرير حتي الثانية صباحا واستغاث بي بعض الشباب من عنف الضرب... فاتصلت بسيادته واخبرته بأن ما يحدث غير آدمي ويقطع الطريق علي أي محاولة للحل... فاتصل بي سيادته بعد ساعة معلنا توقف الضرب وذلك نظرا لما كان يتمتع به اللواء عمر سليمان من ذكاء وحكمة ودقة ولثقته فيَّ علي مدي علاقة طويلة وتأكده أن لا شيء يحركني غير مصلحة الوطن...كما اتصلت به مرارا أيضا للافراج عن وائل غنيم ووافق سيادته في النهاية إلا انه لسبب مفهوم جعل حسام بدراوي هو الذي يستقبله يوم الإفراج عنه...
وأتذكر أيضا واقعة تهريب الأدوية إلي الميدان بعد ان منع الأمن دخولها فخبأها بعض العاملين معي تحت ملابسهم ونجح بعضهم في توصيلها وقبض علي البعض وصودرت الأدوية وخدوا علقة محترمة ! كما اتذكر ايضا اتصال وزير الإعلام بي حتي تتوقف قناة اون تي في عن بث أحداث الثورة والميدان ونقل الأحداث عن القناة الأولي والثانية ورفضت تماما وأنهيت الحديث بحسم!
واتذكر أيضا ذهابي مع الدكتور كمال ابو المجد وهو شخصية جليلة وقريبة إلي قلبي والداعي لتأسيس لجنة الحكماء إلي قناة العربية بماسبيروعلي كورنيش النيل مشيا علي الأقدام وسط المظاهرات وقلقي عليه من المتظاهرين ما بين مؤيدين ومعارضين حتي وصلنا بصعوبة إلي مبني قناة العربية وتحركنا من جبهة الثورة إلي جبهة أعداء الثورة الذين كان يهتفون لمبارك حتي وصلنا إلي مبني قناة العربية بصعوبة لنلتقي مع حافظ المرازي الذي فاجأنا بسؤال الختام انت مع بقاء الشباب بالميدان او الرحيل فرديت أني مع بقائهم! واتصل والدي بي مستغربا وقلقا ومتسائلا: لماذا هذا الموقف فأجبته لأنه الحق!
وبعد خطبة مبارك الأخيرة اتصلت بي السفيرة الأمريكية متسائلة عن تقييمي للخطاب.. فأجبتها بالعبارة الشهيرة: تو ليتل تو لييت.. اي تقدم قليل ومتأخر! اذكر أيضا اليوم الذي دخلت فيه الجمال إلي ميدان التحرير فيما عرف فيما بعد بموقعة الجمل وتيقنت في هذا اليوم ان النظام قد انتهي.
ذكريات عن حدث مهم في حياة مصر يحاول البعض تشويهه واظهاره علي انه مؤامرة ولن ينجحوا في ذلك لان شبابا طاهرا غير مسيس قد خرج للتعبير عن غضبه مطالبا بالعدل والديمقراطية وقد نجح في اسقاط النظام الذي كان يخطط لتوريث مصر بعد ان جثم علي أنفاسها لأكثر من ثلاثين عاما.