أبجديات الاقتصاد تعتمد علي الأرقام إلا أن الحال يختلف في مصر عنها في كل دول العالم. منذ عشرات السنين تعيش بلادنا مشكلة تضارب الأرقام والتي تختلف من جهة حكومية لأخري رغم انها كلها صحيحة وفقا للقواعد التي يتم الاستناد إليها ومقاييس المقارنة بين سنة وأخري أو نسبة الأرقام لقطاع معين دون آخر. لكن ذلك بالطبع لا ينفي أن هناك بعض الجهات أو قل بعض المسئولين يهوون عملية تحسين الأرقام وتجميلها لتعطي انطباعا زائفا بانهم يسيرون علي الطريق الصحيح. فمثلا تخرج احصائيات وأرقام تصيبك بالفزع حول أعداد مرضي الفشل الكبدي أو الكلوي أو غيرهما من الأمراض الخطيرة ولكن دون ان تتم مقارنتها بأعداد السكان والمعدلات العالمية للمرضي. أحيانا يتم حساب نسبة العجز في الموازنة مقارنة بالموارد وأحيانا بالناتج القومي وهكذا نعيش جميعا هوجة الأرقام المتضاربة وعلي استحياء أقول الكاذبة. أقول ذلك وأنا أستعرض واقع الحال بالنسبة للاقتصاد القومي والأوضاع المالية بوجه عام والتي يميل بعض المسئولين لتجميلها وتحسينها.
وبداية دعونا نعترف بحقيقة مرة وهي أن ثورة ٣٠ يونيو بدأت وخزائن مصر تكاد تكون خاوية بعد فترة استنزاف رهيب بدأت عقب ٢٥ يناير. دعونا نعترف بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي قد صارحنا بكل الحقائق ولكن استيعابنا لها لم يتخط حدود تحميل الحكومة ومعها الرئيس المسئولية كاملة في تدبير كل الموارد اللازمة لتنفيذ طموحاتنا وأهدافنا. لقد جاءت كل جولات الرئيس الخارجية ولقاءاته المتكررة مع كبار المستثمرين الأجانب والعرب بهدف إنعاش الاقتصاد لكي تبدأ العجلة في الدوران.
كانت دعواته للمستثمرين ورجال الأعمال المصريين إشارات عابرة يبدو ان البعض منهم لم يحاول فهمها أو يترجمها إلي فعل علي أرض الواقع!! نريد دورا متزايدا لرجال الأعمال في مجال التشغيل مع منحهم مزايا خاصة مقابل فرص العمل ولتكن بتخفيض التأمينات التي تدفع للدولة.. نريد وضع أولويات تخاطب محدودي الدخل وأصحاب المعاشات.. نريد شفافية كاملة في كل الأرقام التي تعلنها الدولة وحقيقة الوضع الاقتصادي.