وكأننا نسير عكس الطريق، نفعل عكس ما نقول، ونقول عكس ما نفكر فيه.. التناقض فادح ومربك وغير مفهوم، هو أقرب للفوضي، أو فقدان التوازن... ثورة أسقطت حكم الإخوان في 30 يونيو، بإرادة شعبية كاسحة ضد الحكم الديني (ويسقط يسقط حكم المرشد وأتباعه وحلفاؤه ومن يحترمهم) لكنها في نفس الوقت، لاتزال تحافظ علي أفكارهم المتعسفة، ورؤاهم الضيقة المتشددة..!!
دعوة تجديد الخطاب الديني تجتاح مصر كلها، بينما يتزايد أكثر تمسك المؤسسات، بنهجها التقليدي السائد والمحافظ، وإرضاء السلفية والأصولية وربما الوهابية، حفاظا علي المصالح والأطماع..!!
دستور تنص مواده علي حرية الفكر والعقيدة، وحرية التعبير، ومنع الحبس في قضايا الرأي والنشر، بينما تتوالي في الواقع أشكال تقييد الحريات، وملاحقة الكتاب والمبدعين قضائيا، وتتوالي العقوبات وأحكام الحبس..!!
هذا الأسبوع أصدرت محكمة جنح الخليفة، الحكم بالحبس 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه، علي الشاعرة فاطمة نعوت، لازدراء الدين الإسلامي، بسبب السخرية من الأضحية، في مواقع التواصل الاجتماعي!... مرة أخري «إزدراء الأديان».. تلك التهمة الفضفاضة، التهمة المبهمة والانتقامية (أضيفت عام 1982 إلي قانون العقوبات بناء علي فتوي دينية، لمواجهة التطرف بعد قتل السادات).. تكرار الإتهام بازدراء الأديان، ليس فقط انتهاكا للدستور (ازدراء الأديان غير موجود في مواد الدستور) وليس فقط استخداما متعسفا لقانون فضفاض (لا يعمل به في أي بلد في العالم)!.. لكنه ردة أخري إلي الوراء، وإصرار علي جرجرة المجتمع كله إلي الفتن!!