لن أمل من الحديث عن ضرورة أن يكون اهتمامنا الأول موجهاً الي الصناعة، والتأكيد علي أن صناعة تقوم علي أسس علمية وتستغل كل المزايا البشرية والمادية والجغرافية، التي منحنا الله إياها، هي الطريق الأساسي لبناء نهضة حقيقية، تدوم وتستمر وتنمو مع الأيام.
وكل خطوة علي هذا الطريق لابد أن نقف عندها وأن نشجعها وأن نطلب المزيد منها، آخر ما تم الاعلان عنه بهذا الشأن كانت التيسيرات التي أعلن عنها محافظ البنك المركزي طارق عامر، والتي تقضي بمنح تيسيرات
ائتمانية للمشروعات الصغيرة، والمتوسطة في حدود 10 ملايين دولار للمشروع تسدد علي عشر سنوات، وبفائدة 7٪ فقط «الفائدة الحالية 14٪» وذلك لتمويل استيراد المعدات ووسائل الإنتاج لمصانعهم، بالإضافة الي إعادة هيكلة بنك التنمية الصناعية ليعود لأداء دوره الذي توقف في دعم الصناعة المصرية، وزيادة قدرتها علي الانتاج والمنافسة وإعادة تأهيل المصانع المتعثرة.
خطوة هامة نرجو أن تتم إجراءاتها التنفيذية بدون تعقيدات إدارية وفي أسرع وقت ممكن.. ونرجو- وهذا هو الأهم- أن تكون تأكيدا علي سياسة جديدة لا تنطلق فقط من اعتبارات مالية تتعلق بالحد من الاستيراد.. وهذا أمر مهم في حد ذاته، لكن الأهم هو الانطلاق من رؤية تضع الصناعة في مكانتها الحقيقية كأساس لنهوض الاقتصاد، وتوجه الاستثمار المحلي والاجنبي بقدر المستطاع- نحو الصناعة التي تفتح أبواب الرزق وتخلق الملايين من فرص العمل، وتستطيع في سنوات أن تحول مصر الي قاعدة صناعية اساسية، وتنهي المأساة التي نعيشها ونحن نستورد كل شيء، ونحارب أي صناعة تبشر بالأمل، ونغلق قلاعا صناعية كانت ملء سمع الدنيا وبصرها، كما حدث مع صناعة الغزل والنسيج علي سبيل المثال.
في نفس الوقت، تلقيت من رجل الصناعة، المهندس محمد فريد خميس دراسة هامة أعدها الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين الذي يرأسه حول إصلاح وتنمية الاقتصاد المصري.. وهي دراسة تستحق العودة اليها في حديث منفصل، لكن هنا اشير فقط الي ضرورة دعم المستثمرين المصريين الجادين، من رجال الصناعة لأنهم الأساس في أي نهضة، ولأن أي استثمار خارجي ينبغي أن يكون استكمالا للاستثمار الوطني العام أو الخاص» فلن يبني مصر سوي أبنائها، بالعلم والعمل.. وبالصناعة ولإنتاج، وليس بالسمسرة أو الفهلوة أو في استمرار الجريمة التي تواصلت علي مدي سنوات طويلة لضرب الصناعة الوطنية، وتصفية القطاع العام، وتفرغ الحيتان الكبار لنهب المال العام، بدلا من دعم الصناعة الوطنية.
الدراسة كما قلت تحتاج للعودة اليها لنقاش مطول، لكن ما أريد أن أتوقف عنده هنا هو أن الدراسة التي يقدمها كبار المستثمرين من رجال الصناعة تتحدث عن فرض ضريبة إضافية، علي أصحاب الدخول التي تزيد علي 5 ملايين جنيه كفترة استثنائية مدتها ثلاث سنوات.. أليس هذا أجدي من التفكير في بيع البنوك العامة وشركات التأمين وغيرها لسد عجز الميزانية؟!