كان أهم ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أول خطاب له أمام مجلس النواب الذي بانعقاده تكون كل مراحل خريطة ثورة 30 يونيو قد انتهت بنقل المسئولية التشريعية إلي هذا المجلس. أنه وبهذه الخطوة تكون منظومة البناء الديمقراطي قد اكتملت ودخلت حيز التفعيل. تولي المجلس النيابي لهذه المسئولية الجسيمة يحتم توافر الامانة الوطنية والشفافية والحرص علي المصلحة العامة والاستجابة لمتطلباتها.
الاضطلاع بهذه المسئولية يضع عبئا هائلاً علي لجان المجلس المتخصصة للقيام بالتدقيق في بحث ودراسة ما يعرض عليها من تشريعات سواء عن طريق الحكومة أو الاعضاء بما يضمن تحقيق الهدف من وراء إصدارها. لابد ان تتمحور هذه التشريعات حول خدمة مصلحة الوطن والمواطن. لا يجب السماح بأيحال بالمزايدة أو المتاجرة بما يمكن أن يعطل المجلس عن القيام بمتطلبات انجاز هذه المهمة.
علي المجلس ومن خلال كل اعضائه بجميع اتجاهاتهم إدراك ان الشعب قد اختارهم ليكونوا طليعته في الوصول الي كل ما يتطلع اليه ويتمناه. عليهم ان يكونوا عوناً للشعب في القيام بهذه المهمة وليس عبئا عليه بقصور الاداء الذي يقف عقبة أمام انطلاق مسيرته.
ليس من سبيل لأن يكون هذا المجلس فاعلاً ومحققا للآمال والتطلعات الا إذا كان هناك تناغم بينه وبين القيادة السياسية والجهاز التنفيذي للدولة. هذه العلاقة لابد أن تقوم علي الاحترام المتبادل ومعرفة كل طرف بحقوقه ومسئولياته وفقاً لما يقضي به الدستور القائم علي فصل السلطات.
لاعائد من وراء هذه العلاقة إذا لم يكن محورها الاساسي مصلحة المواطن المرتبطة بمصلحة الوطن. في هذا الشأن لابد وفي كل الظروف ان تكون الاولوية للحفاظ علي الأمن القومي المصري في كل المجالات.
من ناحية أخري فإنه وانطلاقاً من الأهمية التي أولاها الرئيس لدور الشباب فإنه يتحتم أن يكون معلوماً ان لا قيمة لهذا الدور دون تعامله مع الخبرات والتجارب المكتسبة. وإذا كان دور الشباب يمثل المستقبل فإنه لا مستقبل دون الاعتراف والتقدير لكل ما تم ويتم تقديمه لهذا الوطن من خلال الأجيال المتعاقبة. اتصالا بهذه القضية فانه لايمكن الاشارة إلي دور فاعل للشباب في المرحلة القادمة دون مطالبة الدولة بالعمل علي حل مشاكله التي ادت إلي ما أصابه من إحباط. يأتي علي رأس ما يجب ان يحظي بالاهتمام الحد من مشكلة البطالة من خلال تسهيل اجراءات إقامة المشروعات لتوفير فرص العمل.
في نفس الوقت يتحتم أن أقول أنه يجب علي هذا الشباب احترام العمل أي عمل شريف.. مادام عائده أجرا طيبا وانتاجا يرفع من شأن هذا الوطن. الانشغال بالعمل لابد ان يسير في خط متواز مع إعمال العقل والفكر والابتكار الذي يجب ان يكون محل تقدير من اجهزة الدولة. إنها مطالبة بتبني اي اجتهادات بما يؤدي إلي إرتفاع الروح المعنوية وضمان المقابل العادل.
وحتي يمكن القول بأن أعضاء مجلس النواب يمثلون الشعب - بحق - فإن عليهم ان يكون لهم دور فاعل في التوعية بأهمية وقوفه خلف قواته المسلحة وأجهزته الامنية. هذه المساندة ضرورية للتحفيز علي القيام بالدور المنوط بها لتوفير الأمن والطمأنينة والاحساس بالأمان من خلال حمايتها لمقومات هذا الوطن. ان كل أملنا ان يكون مجلس النواب علي المستوي الذي نتمناه وبالصورة التي تجعلنا ننسي كل التجارب المريرة التي مرت بنا في هذا المجال. من ناحية اخري فإن جهود مكافحة الفساد والقضاء علي اسبابه يعد من المهام التي يجب ان يساهم فيها هذا المجلس بايجابية.
إن شعب مصر المحروسة وبعد أن أصبح لديه دستور حضاري متوافق عليه ورئيس تم اختياره بإرادة الملايين من أبنائه ومجلس نواب جاء بانتخابات حرة ونزيهة.. من حقه أن يعتز ويفخر بهذا الانجاز الديمقراطي.
إنه وحتي يستكمل مسيرته نحو التقدم والازدهار مطالب بالعمل والانتاج ووحدة الصف والبعد عن صغائر الامور وأن يركز كل اهتمامه علي توفير المناخ الآمن لإنجاح مهمة بناء هذا الوطن.