بكل المقاييس والأوزان المعمول بها في مهنة البحث عن المتاعب، التي هي الصحافة، وبكل القواعد والحدود المتعارف عليها في بلاط صاحبة الجلالة وبين فرسان الكلمة والقلم، كان الاستاذ محمد حسنين هيكل استثناء غير عادي، علي جميع المستويات الانسانية والمهنية.
وباتفاق يكاد ان يكون جمعيا يضم في شموله كل الآراء والرؤي التي اتفقت او اختلفت معه بطول سنين احترافه لمعشوقته الصحافة، وما طاله خلالها من أنواء السياسة وأعاصيرها وتقلباتها،..، سيظل الاستاذ هيكل في موقعه ومكانه هذا، استثناء وتفردا خارجا عن اطار القياسات التقليدية للقدرات الذهنية والابداعية الخارقة للعادة، والمتجاوزة لحدود الزمان والمكان، التي درج عموم الناس علي الخضوع لها، وسرت عليهم سواء بالرضي والقبول أو بالخضوع والاستسلام.
ومهما قيل أو كتب منا أو من غيرنا في الاستاذ هيكل أو عنه الآن، وبعد انصرافه الاخير خاضعا لمشيئة الله واستسلاما لما هو مقدور ومكتوب لاجال البشر ومواقيت الانصراف، التي لا يستأخرون عنها ساعة ولا يستقدمون، فإن ما سنقوله أو نكتبه مع كل المحبين له أو المختلفين معه، سيظل اجتهادا بشريا يحاول الاحاطة ببعض ما حباه الله به من مواهب فذة وقدرات عالية، استطاع ان يحشدها كلها ويوظفها جميعا للنبوغ في مهنته، ليصبح وبحق «الجورنالجي» الأول في مصر والمنطقة بلا منازع.
وفي ذلك كان هيكل وسيظل بذكائه اللامع وذهنه المتقد وحضوره المتألق، وامتلاكه لناصية اللغة والكلمة وإلمامه الواسع بالآداب والفنون شعرا ونثرا وموسيقي ورسما، بالاضافة الي ذاكرته الحديدية ورؤيته الكاشفة وقدراته التنظيمية الفائقة مثالا ونموذجا رائعا ومعجزا علي قوة الإرادة والاصرار الهائل علي إلزام النفس والذات بكل ما يلزم، حتي يكون كما أراد وأرادت له الأقدار في مقدمة الفرسان في بلاط صاحبة الجلالة،...، والمتابع الاول لكل الاحداث والشاهد علي كل الوقائع ،...، وايضا المشارك في صنع الوقائع والاحداث في أحيان كثيرة.