الملكة بياتركس قالت إن حلمها منذ الطفولة أن تقف وجها لوجه أمام أبوالهول، ووصفته بأنه أعظم تمثال من صنع الإنسان. وعندما نظرت إلي وجه أبوالهول كانت في منتهي السعادة.


تعرف الملكة بياتركس ملكة هولاندا بحبها للقبعات، التي تمنحها بساطة وجمالا من نوع خاص - ومازلت أتذكر مقابلتي مع الملكة للمرة الأولي عندما جاءت لزيارة الأهرامات. وحدث أثناء الترحيب والمصافحة بالأيدي أن هبت عاصفة كادت تطيح بقبعة الملكة فأسرعت ومسكتها بكلتا يديها بينما يدي ممدودة للسلام! وفوجئت بالملكة تقول وهي تصافحني يبدو أن الفراعنة غير راضيين عن هذا اللقاء، ولذلك أرسلوا لعنتهم لتطيح بقبعتي وتمنعني من مصافحتك! وبالطبع ضحكنا وبدأت أقص عليها قصصا عن لعنة الفراعنة والحوادث التي عانيت منها.
وعندما وقفنا أمام الهرم، قالت إنها سمعت عني بعد أن ألغيت محاضرة للملكة مارجريت ملكة الدنمارك، وعرفت بعد ذلك أن الملكات يتحدثن مع بعضهن في الأمور الثقافية وهذا ما جعلني أقابل، كل ملكات العالم سواء عندما جئن لزيارة الأهرامات أو عندما سافرت لأحاضر في القصور الملكية لملوك وملكات العالم. وبينما كنت أشرح للملكة بياتركس كيفية بناء الهرم والأدلة الجديدة التي عثرنا عليها وتثبت لأول مرة كيف بني المصريون القدماء الأهرامات، وجدت الملكة تسأل متي نري أبو الهول؟! وقالت إن حلمها منذ الطفولة أن تقف وجها لوجه أمام أبو الهول، ووصفته بأنه أعظم تمثال من صنع الإنسان. وذهبنا إلي أبو الهول وكانت الملكة في منتهي السعادة وهي تنظر إلي وجه أبوالهول.
ووصلتني رسالة بعد ذلك تحمل دعوة لإلقاء محاضرة عن الأهرامات المصرية في متحف ليدن بهولندا والذي يعتبر أحد أهم متاحف أوروبا التي تعرض آثاراً فرعونية، بالإضافة إلي وجود بعثة علمية من متحف ليدن تعمل بالحفائر في منطقة سقارة ، وقامت بالكشف عن عدد من مقابر النبلاء في الدولة الحديثة. وقد كان السفير وجيه خلف هو سفير مصر بهولندا وهو من السفراء المميزين الذين يشهد لهم بالكفاءة غير العادية، وقد رأيت ذلك بعيني عندما زرت هولندا ووجدت أنه إستطاع أن يغزو قلوب الهولنديين من خلال معرض لآثارنا الفرعونية، بالإضافة إلي المأكولات الشعبية المصرية والتي كانت السيدة حرمه بارعة في عملها. واستطاع السفير أن يقابل الملكة وأن يدعوها لأن تحضر محاضرتي عن الأهرامات بمتحف ليدن. وبالفعل حضرت الملكة المحاضرة، وكنا في ذلك الوقت نستعمل الشرائح الفيلمية التي تعرض عن طريق جهاز عرض نسميه الفانوس أو بروجيكتور، فلم يكن نظام الداتا شو وبرامج باور بوينت أو كينوت معروفة في ذلك الوقت! المهم أنه وأثناء المحاضرة انحشرت شريحة في البروجيكتور وأثناء محاولة التصليح يبدو أن الملكة تذكرت قصة لعنة الفراعنة عندما قلت للحاضرين إن الفراعنة حلوا علي ليدن.. وضحك الجميع.
بعد المحاضرة فوجئت بالملكة تأكل الطعمية المصرية، وكانت سعيدة للغاية بالأكلات الشعبية المصرية، وكان من الواضح أنها زارت متحف ليدن كثيراً حيث بدا مدي إهتمامها بالآثار المصرية القديمة. وعندما قدمت لها نسخة من أحد كتبي عن أسرار الفراعنة كانت في غاية السعادة. وقالت لي إنها من شدة حبها بمصر وشعبها وآثارها تتمني أن يقضي ابنها الأمير شهر العسل هو وعروسه في مصر؟!..... هذه واحدة من القصص لملكة أحبت وعشقت مصر وحضارتها.