«صابرين» تتبني «المشردين»

قلبها كان يعتصر وتكاد تسمعه يتقطع كلما مرت فى الشوارع وشاهدت شابا كان أو فتاة أو عجوزا يجلس وسط القمامة التى تحيط به من كل اتجاه،ولا يلتفت إليهم أحد ولا بالظروف التى جعلتهم فى هذا المشهد سواء كان عابرا للطريق أو مسئولا كبيرا كان أم صغيرا،خاصة أنهم موجودون فى أماكن عامة يمرون عليها سواء خلال ذهابهم إلى مكاتبهم أو عائدين منها إلى بيوتهم، وهكذا تكرر نفس المنظر عليها ووجع قلبها وجعا على وجع،وكأن الكل قد توافق على تجاهل وجودهم حتى يموتوا فى أماكنهم أو يتركوها إلى مكان آخر بعيدا عنهم. جلست مع نفسها وتحدثت إليها،ولم يرض ضميرها بالسكوت،وتكلم عقلها وهداها إلى طريق إعادة ادماج هؤلاء الأشخاص فى المجتمع مرة أخرى.
بدأت تسعى إلى هؤلاء المشردين،وتبحث من ورائهم وتعرف حكاياتهم،وكان طبيعيا فى البداية أن تواجه صعوبات كثيرة،فهم لا يثقون فى البشر من حولهم ربما يرون أنهم سر بؤسهم وبداية جنوح عقلهم، ولكنها حاولت وفشلت ثم نجحت ولأول مرة من إعادة شاب يعانى من مرض نفسى إلى الحياة مرة أخرى، وكل ما احتاجه كان توفير مكان ليعيش فيه.
وهكذا كان أول خيط للنجاح تمسكه بيديها صابرين شاهين أو «الشاعرة البدوية «،كما يطلقون عليها فى الفيوم،وهكذا كانت نقطة البداية فى المبادرة التى أطلقتها تحت اسم «أنا إنسان،وتعمل على البحث عن المتشردين ودمجهم فى الحياة مرة أخرى حتى يصبحوا أسوياء،وكما توضح لنا صابرين فقد بدأت فكرتها بعدما مرت على العديد من شوارع الفيوم ووجدت الكثير من الشباب والعجائز يجلسون فى الشوارع والحدائق العامة بلا مأوى ولحاهم طويلة وملابسهم متسخة للغاية ولا يسأل فيهم أحد بالرغم من أن الجميع مسئول عنهم، وقررت أن تكون البداية مع شاب يدعى» أسامه» أحد ضحايا الإهمال،وقد كان يسير هائما فى الشوارع ويرتدى أكثر من بنطال فوق بعضها البعض ولا يعرف أحد هويته، وحاولت الاقتراب منه فى البداية ولكنه كان حذرا للغاية حتى أعطيته الأمان وعرف أننى جئت لكى أساعده،وقمت بمساعدة بعض الشباب فى تقليم أظافره وحلق لحيته وشعره، ثم دبرت له ملابس جديدة، ولكن المشكلة أنه ما زال فى الشارع، وأدعو المسئولين فى الفيوم بتوفير مكان لرعاية أسامه ومن مثله بدلا من عدم الاهتمام بهم وتركهم فى الشوارع للتعرض لأشد أنواع الإيذاء البدنى والنفسى.
وتؤكد «صابرين» أن مبادرتها ليست خيرية ولكنها إنسانية فى المقام الاول وفرضتها علينا تعاليم الدين التى أمرتنا بأن نقف إلى جانب بعضنا البعض بغض النظر عن الدين أو السن أو اللون، وتلفت إلى أن مبادرتها مستمرة وسوف تبدأ مع حالة أخرى وتعيدها إلى الحياة حتى يتم القضاء على كل المتشردين بقدر ماتستطيع.