قصة الشهيد «موشي» الجندي الإسرائيلي الذي كفنوه بـ«علم مصر»

عمرو طلبة
عمرو طلبة

مواقف خالدة لا يمكن أن يطويها الزمن أو أن تتواري في طيات النسيان. المخابرات المصرية قدمت درسا في فنون الجاسوسية خلال الفترة التي سبقت حرب أكتوبر المجيد، ظل حتي وقتنا هذا فخرا لهذا الجهاز الوطني.عمرو طلبة، جاسوس مصري زرعته المخابرات العامة المصرية في إسرائيل عام 1969 م وحتي اندلاع حرب أكتوبر، بصفته يهودي مصري يحمل اسم "موشي زكي رافي".

 قتل يوم اندلاع الحرب نتيجة للقصف المصري الكثيف علي حصون خط بارليف، حيث كان ضمن إحدي فرق الجيش الإسرائيلي كضابط إتصال علي الجبهة.تم الكشف لأول مرة عن عمرو طلبه من خلال كتاب لأحد ضباط جهاز المخابرات ماهر عبد الحميد في كتابه المفاجأة في أعقاب إنتصار مصر في حرب 1973، وكان الكتاب موجه إلي رئيس المحكمة العسكرية الإسرائيلية بصفته المسؤول عن محاكمة كبار القادة العسكريين الإسرائليين بعد الهزيمة.

كان من بين قصص الكتاب قصه بعنوان (شهيد إسمه موشي) وكانت تحكي القصة الحقيقية للجاسوس المصري (عمرو طلبة).في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وبعد أن عبر جنود مصر قناة السويس وحطموا خط بارليف واستولوا علي نقاطه الحصينة. وجدوا منظراً وقفوا أمامه في حالة من الذهول، لقد جاءت مجموعة من القيادات العسكرية ومعهم رجال من المخابرات وعبروا إلي الضفة الشرقية للقناة وبعد بحث عثروا علي ما يبحثون عنه: جثمان عريف إسرائيلي قاموا بوضعه في علم مصر وأدوا له التحية العسكرية وقاموا بقراءة الفاتحة ورفعوا أيديهم بالدعاء بالرحمة لصاحب الجثمان ثم أخذوا الجثمان وانطلقوا إلي القاهرة.

كانت المخابرات المصرية قد كلفت من القيادة العسكرية بجمع معلومات عن نقاط خط بارليف الحصينة والقوات الإسرائيلية المتواجدة به وعلي مقربة منه وذلك لأنه أول خط دفاع للعدو الإسرائيلي سيواجه القوات بعد عبور المانع المائي وهو قناة السويس.استطاعت المخابرات المصرية زرع رجلها»عمرو طلبه« كواحد من أبناء المجتمع الإسرائيلي وجندى في جيش الإعتداء الإسرائيلي، وأكملت المخابرات مهمتها في جعل رجلها في القوات التي تتمركز في خط بارليف، وجمع الرجل المعلومات التي طلبت منه بل وأكثر مما كلف به وكانت حماسة «عمرو طلبه» تدفعه إلى معرفة كل شيء عن الجيش الإسرائيلي الذي سيواجهه الجيش المصري وكانت المعلومات تصل تباعاً الي المخابرات المصرية التي حذرت بطلها وطلبت منه أن يكتفي بحدود المهمة التي كُلف بها حفاظاً علي سلامته، حيث صدرت أوامر صريحة للبطل بأن يغادر موقعه في خط بارليف قبل الساعة الثانية من مساء السادس من أكتوبر.

إلا أنه حينما رأي الطائرات المصربة في يوم السادس من أكتوبر تصب نيران غضبها علي مواقع خط بارليف والمواقع المحيطة به، هلل وكبر ونسي الأوامر التي صدرت له بمغادرة المكان وأخذ يوجه الطائرات المصرية من خلال اللاسلكي الي مخازن الذخيرة وعنابر الجنود العدو يفر في كل اتجاه كالفئران المذعورة أهؤلاء الذين قالوا عنهم أنهم لا يقهرون.كان يردد من أعماقه الله أكبر سلمت أيديكم يارجال مصر، وفي ظل القتال الضاري الذي يخوضه رجال مصر في كل حصن من حصون خط بارليف، أُصيب البطل ودخل في سكرات الموت وهو ينظر إلي إخوانه جنود مصر يستردون أرض سيناء ويطاردون العدو في كل مكان، وبإبتسامة الرضا التي طبعت علي وجه البطل ودع الدنيا بعد أن أدي دوره في خدمة بلده وأهله، وذف في موكب الشهداء إلي السماءثم تم عمل مسلسل إذاعي يحمل نفس الإسم «شهيد اسمه موشى» من تأليف نفس الكاتب «ماهر عبد الحميد» وتوالت إذاعته في الإذاعة المصرية خاصة في شهر أكتوبر. أعقبه عمل مسلسل عنه، حمل عنوانه نفس الرقم الكودي لعمرو في العملية، وهو العميل 1001، وإن إختلفت أحداث المسلسل بعض الشيء عن الواقع.