مابين يوم وليلة وجد نفسه بين الحياة والموت، لم يمهله القدر ليفرح بإنجازه الذى تحقق، وحلمه الذي وصل إليه متأخراً. وبعد رحلة نجاح وتحدى بدأها فى سن الواحدة  والعشرون ، قرر عندها احتراف لعبة التنس، واكتشف تعلقه بالكرة الصفراء، وظل يحلم بأن يطوف العالم ليحرز البطولات، أدرك أن الحكاية صعبة، لكن عزيمته وإصراره أقوى من المستحيل، لدية ثقة تامة بالله،  فهو كأى شاب مصرى يحلم برفع علم بلاده فى المحافل الدولية. وتحقق الحلم رغم بدايته متأخراً، وكسر كل القواعد التي تؤكد أن بداية تعلم التنس لابد أن تكون فى الصغر، سافر إلى إسبانيا، وكان عليه أن يستجيب للأوامر، فتدرب مع أطفال فى سن ٨ سنوات، ثم لاحظ المدربين أن هناك استجابة كبيرة فنقلوه للتدريب مع شباب فى سن السادسة عشر، إلى أن حقق نسبة تحسن وصلت الى ١٢٠ ٪، وكانت المفاجأة أن يتم تصنيفه عالميًا بعد ثانى بطولة، ويدخل ضمن الحالات النادرة لأشخاص يبدأون لعب التنس، والاشتراك فى بطولات بعد الخامسة عشر، حتى أن محرك البحث جوجل صنفه كذلك، وواجهته مشاكل وصعوبات كانت أقواها قطع فى عضلة الظهر، استطاع التغلب عليها، لعب فى برشلونة ثم سافر إلى مقدونيا، وأثناء انعقاد إحدى البطولات هناك شعر بالألم واعتقد أنها نزلة برد، وتحامل على نفسه حتى يصل مصر حيث كانت المفاجأة. أبلغه الأطباء بعد التحاليل والفحوصات أنه مريض بالسرطان ويحتاج لزرع نخاع، وكما بدأ رحلة البحث عن البطولات بدأ رحلة أخرى بحثا عن العلاج، ودخل فى دوامة كبيرة، ولجأ إلى د. حسام كامل، الذى سانده وكان أحد أسباب الشفاء. ويقول د حسام كامل إن مشكلة أنور الكموني أنه لا يبحث عن الشفاء، بل يسأل فى كل لحظة متى يعود للملاعب، وكنت أخبره بأن حالته تحتاج إلى مجهود وعناء لكى يستعيد قوته ويمشى على رجليه. ويكمل الكموني الذى لا تفارق الابتسامة وجهه رغم ما مر به من صعاب، بأنه تم حجزه لأكثر من ٣ شهور متواصله بغرفة  بها كل الممنوعات .. ممنوع الزيارة، ممنوع الحلاقة، ممنوع كل شىء، وكل ما كان يشغلني متى نجري العملية ، أستعجل الوقت لأعود للملاعب ، إلى أن تبرع شقيقي بالنخاع وأجريت العملية، وأخبرنى د. حسام  كامل بأن علي أن أهتم  بصحتي وأننى بين الحياة والموت، والمهم أعيش ونترك موضوع لعب التنس لوقت لاحق، وسألت نفسي هل كل ما صنعته ممكن يضيع ؟، هل بعد كل التحدي الذي صنعته مع نفسي مابين دراستي  فى الجامعة الامريكية، وسفري لفرنسا للتدريب والوصول إلى رونالد أعظم مدربي التنس فى العالم، هل بعد كل المعاناة ينتهي الحلم ؟". وتابع الكموني:"حاولت المقاومة لألعب من جديد، استعصت على الكرة، لم يعد بمقدوري امتلاك ناصية المضرب، خذلني ولم يطاوعني، لكن ثقتي بالله وبقدراتي كانت تطفىء حزني واكتم دموعي، خاصة بعدما تخلى عنى كثيرون، واعتبروها أيام ولا طريق سوى الموت، حاولت أن استبدل طريق الموت بالأمل، وأعود من جديد تعثرت وكان المرض أقوى، ونصحني الأطباء بنسيان موضوع اللعب، وأخبروني  بأنه مستحيل أن أعود مرة أخرى لأني سأخسر ما وصلت إليه من نتائج فى العلاج، وأبلغوني أن أي حركة أو لمسة سيكون مصيرك الشلل ، لكنني ظللت أقاوم حتى أن د .حسام كامل قال لم أقابل حالة مثله، إصرار وتحدي، لكن لم تكتمل الفرحة، فواجهت ما هو أقسى بتعطل الجهاز الهضمي، وارتفعت إنزيمات الكبد، وتأثرت الكلى، وأصبت بمرض فى العظام ووصلت الحالة إلى أننى لأول مرة اعترف بين نفسي أنه لا أمل الآن، تحسرا على نفسي ورحلتي التى قطعتها بحثا عن هدف وفجأة تبخر كل شىء. ويكمل الكموني: " كان لدى اختياران، أما أن أقبل المرض، وأعيش ضعيف، وأما أن أكسر المرض وأموت، قررت إلا أعيش ضعيفًا، حاولت ممارسة تمريناتى بهدوء لكن ظهر ماهو أقسى وأخطر ...غرغرينه ..وأكد الأطباء انه بنسبة ٩٥٪ سيتم بتر يدي، ولكن د. حسام كامل أخبرنا أننا سنستمر فى العلاج لآخر نفس، واستبعد البتر ولكن كان قلبي يتمزق لانى أيقنت أن الأمل قد انقطع وتأكد عدم عودتى لامسك مضرب التنس مرة أخرى، وبين دعواتي ورجائي لمع الأمل من جديد وبدت يدى تستجيب للعلاج، ومع تحسن حالتي أجريت اختبار للجري فلم استطع المقاومة، ولم أكن أكمل التدريب ربع ساعة، بدأت اسايس المرض وشوية شوية ارتفع معدل التدريب، وفى ٢٠١٣ حاولت قياس نفسى فذهبت لألعب بطولة فى ارمينيا رغم انها كانت استعجال منى ، وجدت جسمي لم يقوى على التحمل لكن كان أفضل بكثير من الأول، وتكررت المحاولة وتدريجيا عدت للوضع الطبيعي، ومن لحظتها فى ٢٠١٤ إلى الآن شعرت أنني تغلبت على المرض، واستطاعت الرياضة بإصراري وحبي لها ان تحقق انتصارًا كبيرًا على المرض اللعين. وأضاف: "عرف البعض قصتي ورحلتي الطويلة مع العلاج من السرطان، وحاولوا أن يشتروها وعرضوا ملخص لها على الإنترنت، وتواصلت معي أندية من أمريكا وإسبانيا، تعجبوا بقصة التحدي، واتفقت مع نادي ايليت الإسبانى والمدرب انريكي، أحد المصنفين عالميا أخبرنى أنه يحب الذين يحاربون مثلى وتم عمل اختبارات طبية ومتابعة التدريب الذى يصل الى ٦ ساعات، وفى طريق  للذهاب إلى إسبانيا للعب فى البطولات المحلية والدولية".  ويكمل أنور الكمونى ويقول: رأيت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للشباب، ليشاركوه أثناء إلقاء خطابه فى ختام المؤتمر الاقتصادي وأشعر بالفخر أنى  واحد مثل هؤلاء الذين فرحوا مصر واحتفلوا مع الرئيس بالنجاح ، وأتمنى ان يقرأ الرئيس قصتى ليحكي للشباب عن تجربتي التي أفتخر بها، فأنا بطل، وإحساس جميل أن تكون إنسان ميت، وتعود لصحتك وبطولاتك، فخور أني أول واحد فى العالم يتم علاجه بعد زرع النخاع، ويعود للملاعب. وأشار الكموني إلى أنه تلقى عدة دعوات من منظمات عالمية لعلاج السرطان ليتحدث عن تجربته كأول مصري وأول حالة فى العالم تعود للعب بصورة طبيعية بعد المعاناة التى واجهها، لافتا إلى أنه يسعى ليكون نموذج وقدوة فلا مجال لليأس، فقد كان أقصى ما سعى إليه أن يعيش فعاد ليكون بطل.  وتابع : " أنا راجع لأصنع بطولات وتحقيق  بطولات لم يمهلني المرض اللعين لاحققها، وسأذهب إلى إسبانيا لأحكي للعالم التجربة، وأقول لهم أني فخور باني مصري، فخور بالرئيس الذى يعرف قدر الشباب فى بلدي، وسأسعى لأكون سفيرًا لبلدي، سأحكي لهم عن الطب فى بلدي والنماذج المشرفة التى عالجتني، وسأحدثهم عن القضاء المصري الذى أعاد لي حقي بعد التطاول من شخص حاول التقليل مما أصنعه ولم يتعظ من مرضي، ولم يرحم حالتي التي كانت بين الحياة والموت، وغرمه القضاء ٤٠ ألف جنيه تأكيدا لافترائه . وقال الكموني: "رسالتي للشباب ولجميع المصريين قبل أن أسافر خلال ساعات لألعب لمدة ثلاثة شهور فى البطولات الإسبانية، وأشارك معهم فى البطولات الدولية، أننى استطعت أن أهزم المرض، وأنتظر تحقيق نتائج وبطولات لتكون هدية لمصر بعد معاناة ما يزيد عن ٦ سنوات مع مرض السرطان، وواثق بإذن الله أني أستطيع أن أقدم شيئا لبلدي، وارفع العلم المصري فى المحافل الدولية، نفسى أوصل رسالة للعالم بأن مصر بها نماذج مشرفة وأبطال، وأقول للمصريين انهم ممكن يعملوا المستحيل". رحلة من العذاب والتحدي للمرض اللعين بدأت فى ٢٠٠٧ وانتهت بنجاح فى ٢٠١٣ قهر فيها الكموني السرطان، وتغلب على المرض، واستطاع بعزيمة المصريين العودة للملاعب وبطولات التنس العالمية، فنحن أولى بنا كمصريين أن نكرمه، وتكرمه الدولة، وتستفيد من تجربته فى الدعاية لمصر، قبل ان تخطفه الأندية الأوربية، قصة نجاح وتحدي كتبها أنور الكمونى بالدموع والعذاب، واستطاع قهر المستحيل ليرسم بسمة على وجوه المصريين للفخر به كنموذج مشرف للشباب المصري.