جائني صوت صديقي الوفي ممزقًا وحزينًا، وعندما شاهدته وجدت في عينيه مأتم ، وعلى شفتيه نحيب مكتوم! سألته فزعًا ماذا جرى؟ قال : فقدت كل شيء في الحياة! سألته: هل ضاع مالك؟ قال : مالي كما هو .. قلت هل ضاع منصبك؟ قال أنني باق في منصبي، سألته هل فقدت أحد أبنائك؟ قال أبنائي بخير ، سألته ماذا حدث؟ قال لقد فقدت صديقي الكابتن حسن الشاذلي.. كان الشاذلي هو عمودي الفقري الذي يقف خلفي بخفة دمه عندما أواجه الأعاصير، كان العصا التي استند عليها، كان المنديل الذي يمسح دموعي، كان المرهم إذا جرحت، كان هو الشمعه عندما تظلم الدنيا، ثم ذهب دون أن يمهلني لحظة لكي أقول له وداعًا! وشعرت ﻷول مرة اننى وحيد غريب فى وسط ضاعت فيه المبادئ ، واستشرت فيه عدوى الفردية والانانية وعبودية المادة وعشق الفساد !رحل شبيه الملائكة الكابتن حسن الشاذلي، وترك الغالبية من أشباه الشياطين في وسط بلا صداقات، في وسط ضاعت فيه القيم، وسط لا يتحدث فيه إلا الرويبضه، وسط بلا مرؤه وبلا فروسية! رحل الشاذلي الطيب البشوش، إلى العالم الحق الذي يستحقة، رحل الأسطورة الشاذلي، وفي نفسه أشياء بسبب تصرفات أقذام أهانوه، وهو على قيد الحياة! رحل أسطورة التحليل الكروي، دون أن ينال منه صبية الفضائيات والرعاية ﻷنه لم يكن من عبدة المادة، كان يتنفس عشقًا وتفاؤلاً ويحب الحياة والإستمتاع بالصداقة الحقيقية! كلما تفقد مصر الكروية رجلاً شريفًا نزيها أمينا عبقريًا كبيرًا، أشعر أننا فقدنا شئيًا كبيرًا.. فنحن نحتاج في وسطنا الرياضي إلى كل رجل شريف نزيه نظيف اليد! الشاذلي كان أشبه بثروة قومية بأخلاقياته العالية.. كان أشبه باحتياطي من الذهب أو من الماس أو من الأحجار الكريمة.. كان نسمة رحلت في صمت وبلا عودة! وداعا الراحل العظيم حسن الشاذلي! وﻷنه حدث أحزننا كثيرًا، فقد أجلت بسببه الحديث عن استكمال حلقات كنت بدأتها بعنوان " السيسي وقانون الشباب "نستكملها بإذن الله بحلقة جديدة الإثنين المقبل..