لا أستطيع أن أنكر شعوري بالصدمة لما قرأته علي أحد مواقع التواصل الاجتماعي لصحيفة اقتصادية متخصصة يشير إلي أن مصنع سيارات «جنرال موتورز» الذي يعمل في مصر منذ أكثر من ٢٠ عاما قد قرر إغلاق أبوابه. تم تبرير هذا القرار بما يعنيه من تداعيات اقتصادية واجتماعية بأنه راجع لأزمة الدولار. اذا أضفنا إلي ذلك قرارا مشابها سبق اتخاذه من جانب مصنع تجميع سيارات مرسيدس العالمية. فإنه لابد من وقفة وتدارس الأمر فيما يتعلق بتأثيراته السلبية علي الوضع الاقتصادي في مصر.
هذا الذي حدث كان لابد وأن يكون هناك رد فعل بشأنهما من جانب الجهات الاقتصادية المسئولة وتشمل وزارات الصناعة والاستثمار والقوي العاملة إلي جانب البنك المركزي. ان ما يزيد من دهشتي واستغرابي هذا الصمت المريب من جانب كل هذه الجهات الرسمية المعنية. هذا الأمر يجعلني أشك في انها إما غير متابعة ومهتمة بهذه الظاهرة التي تسيء إلينا اقتصاديا علي مستوي العالم وإما انها ولسبب ما عاجزة عن القيام بأي خطوة في مواجهة الموقف وفقا لما تتحمله من مسئولية.
لا يخفي علي أحد أن اقدام الشركتين علي هذا الاجراء سوف يعني تسريح آلاف العمال والمواطنين العاملين في المشروعين وهو ما يعني المزيد من التفاقم لمشكلة البطالة بأعبائها الاجتماعية. كنت اتوقع أن يكون هناك تحرك عاجل واتصالات مع إدارة هاتين الشركتين لبحث دوافعهما للإقدام علي هذا الاجراء والأسباب التي تقف وراءه. إغلاق هذه المصانع يجعلنا نشك حول صحة ما يصدر عن مسئولينا من تصريحات تتحدث عن تدفق في الاستثمارات لإقامة مشروعات في مصر. ليس هذا فحسب بل إنه يحدث في وقت اعلنت فيه أعلي القيادات في الدولة ومن ورائها البنك المركزي عن ترتيبات لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة والمتوقفة منذ قيام ثورة ٢٥ يناير.
لا جدال أن قراري الشركتين العالميتين لتجميع السيارات بوقف اعمالهما في الوطن المصري يمثلان وضعا خطيرا. ان عدم صدور أي تعليق رسمي من جانب الحكومة يعد بمثابة قصور في ادائها لمسئولياتها. ما ترتب علي القرارين وما سوف يترتب عليهما يحتم علي مجلس النواب ممارسة مسئولياته وسلطاته في المساءلة عما وراء هذا القصور الصدمة. وما تمثله من انتكاسات سلبية علي جهودنا لتشجيع الاستثمار. ارجو أن يكون صحيحا ما تم ترديده عن تحرك من جانب البنك المركزي لاحتواء هذه الأزمة. ان ما يشير إلي امكانية تحقق ذلك ما اعلنته شركة جنرال موتورز بأن وقف الانتاج هو اجراء مؤقت حتي يتم حل مشكلة مدخلات ومستلزمات الإنتاج.