لم أتجاوز الحقيقة أو أمارس الافتئات علي حكومة المهندس شريف اسماعيل عندما وصفتها في اكثر من مقال بأنها باهتة لا لون لها ولا طعم. وأن وزراءها باستثناء عناصر نادرة منهم كانوا في خصام مع الانجاز مرتعشي الايدي لا يهشون ولا ينشون في الوزارات التي يتولون مسئوليتها. من أهم اسباب هذه الحالة التي كانت عبئاً ثقيلاً علي الشعب والرئيس والدولة استنادهم الي ان رئيس هذه الحكومة رجل متخصص بترولي يفتقد القيادة الحاسمة والحازمة التي من المفروض ان تكون عليها رئاسته.
في هذا الاطار وعلي ضوء الاستطلاع الذي قام به مركز «بصيرة» فإنه لا أمل ولا رجاء من أي حكومة يمكن ان يرأسها الا إذا ما تغير اداؤه وسلوكه في ممارسة مهام مسئولياته وأن يتواصل مع المواطنين. استطلاع بصيرة أكد أن المهندس شريف اسماعيل ونتيجة لهذه الصورة السلبية التي انطبعت عنه في الاذهان يفتقد للشعبية التي كان يتمتع بها رئيس الوزراء السابق المهندس «الفواعلي» ابراهيم محلب.
ارتباطا بالجهود المضنية التي بذلت لإتمام ولادة التعديل الوزاري في حكومة المهندس شريف اسماعيل بهدف تحسين صورتها.. اعتقد ان كل ما سبق وذكرت من اسباب كانت وراء تعثر تشكيلها. هذا يعود إلي خلفية ما اصبح يعوزه المنصب الوزاري من هيبة وسطوة وظيفية. مشكلة هذا المنصب وفي ظل ظروف العمل السائدة بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ اصبحت تعطي شعوراً لشاغليه بأنه مهدد ومحروم من أي تقدير وهو ما أدي للاحجام عن قبول المنصب الوزاري من بعض المرشحين هذا الامر دفع القيادة السياسية الي التدخل في القيام بمراجعة كل ما يتعلق بمن تم ترشيحهم وتقديم بعض البدلاء الذين تري أنهم مؤهلون لشغل المنصب. يبدو أن هذا الامر كان وراء تأخير اعلان اسماء الوزراء الجدد وبالتالي حلف اليمين.
لم يعد خافياً أن المرحلة الحالية ومسئولياتها بصعوباتها ومشاكلها اصبحت تحتاج إلي محاربين وطنيين علي درجة عالية من العزيمة والكفاءة والشفافية. ولابد أن تتوافر لديهم الشجاعة والإرادة والقدرة علي مباشرة مسئولياتهم بقوة وحزم. فاعلية هذه الشخصيات في تأدية واجبات الوظيفة تحتاج بجانب ذلك الي قيادة قوية وحازمة تتمتع بالحيوية والصلابة وأن تكون مثالاً امام من يعملون معها للبذل والعطاء والفكر الخلاق والمتابعة.
نعم إننا نريد في هذه المرحلة حكومة لا تنتظر التعليمات والتوجيهات من القيادة السياسية في كل صغيرة وكبيرة. علي اعضاء هذه الحكومة أن يؤمنوا ويدركوا بأنهم ما جاءوا الي مناصبهم إلا للمساعدة والمعاونة علي الانجاز وأنهم لا يجب في توليهم لمناصبهم ان يكونوا فريسة للمثل الذي يقول «جبتك يا عبدالمعين تعيني لقيتك يا عبدالمعين عاوز تنعان» لا تفسير للعمل وفقا لهذا الاسلوب سوي أنه قصور في الكفاءة وهروب من المسئولية وهو امر لا يمكن ان تتحمله بأي حال هذه المرحلة الفارقة التي نعيشها حالياً.
انني علي ثقة واستناداً إلي حقائق الامور وما يدور علي الساحة بعيداً عن أي نفاق أو فقدان للرؤية ان ما ذكره تقرير مركز استطلاعات «بصيرة» هو الحقيقة السائدة في الشارع المصري. من المؤكد ان تجنب ما تضمنه هذا التقرير يحتم المراعاة والعمل الجاد المنتج القائم علي تجنب كافة السلبيات.
ان اهم ماتحتاجه الحكومة للنجاح في مهمتها الصعبة وتحقيق ماهو مأمول منها.. ان يتمكن رئيسها من السيطرة علي اعضائها ومراقبة ومتابعة اداءهم. عليه ان يتأكد من تخليهم عن ممارسة مسئوليتهم بنظام الجزر المنعزلة.
ليس مقبولا من الوزير اعتبار الوزارة التي يشغلها بمثابة وسية يفعل فيها مايشاء دون رابط او ضابط وان يجنح الي عدم التعاون مع زملائه بما يؤدي الي الاخلال بالسياسات والاهداف العامة للدولة.
ان كل وزير مطالب بمراعاة الدقة في اختيار معاونيه تجنبا لتوريطه نتيجة لفساد بعضهم في مشاكل وقضايا بالاضافة الي الاضرار بمصالح الدولة.. وعلي الله الاعتماد والتوفيق.