فى إطار الحكم الصادم بتأييد الحكم على الكاتبة فاطمة ناعوت بالسجن ٣ سنوات بتهمة ازدراء الأديان.. أجد أن الحظ قد حالفها بالنجاح فى مغادرة القاهرة قبل الحكم بـ ٢٤ ساعة تلبية لدعوة للتكريم فى كندا.
وفى اعتقادى أنها ستؤجل عودتها إلى أرض الوطن إلى أن يتم حسم القضية التى يرى الكثيرون أن ما تعاقب عليه الكاتبة يدخل ضمن حرية الرأى والتعبير. إن ما يؤكد عدم وجود نية ارتكاب ما تعنيه جريمة ازدراء الاديان أنها حرصت على نفى التهمة وتوضيح ما استهدفته من وراء ما كتبته وأنها تكن الاحترام لكل القيم الدينية.
ومع تكرار هذه التهم وتقديم من توجه إليهم إلى المحاكمات القضائية مما يعد سيفاً مصلتاً على حرية الرأى والتعبير - وليس نحو الانحراف المتعمد - فإن ما يحدث يعطى فرصة التصيد لأصحاب القلم والفكر.. على ضوء هذه الوقائع فإن القوانين الحاكمة لهذا الأمر أصبحت تحتاج إلى مزيد من الوضوح والشفافية التى تمنع إمكانية استغلالها للإرهاب والتخويف.
لابد ان تكون مثل هذه القوانين التى يقوم القضاء بتفعيلها أكثر توافقا مع الدعوات المطالبة بتجديد الخطاب الدينى ليشمل تجديد الفكر بما يمنع استغلال هذه الاتهامات للتشويه الممنهج والمريب للدين. السماح بتوجيه مثل هذه الاتهامات لابد أن تستند إلى أسس راسخة تضع فى اعتبارها الإجواء التى نعيشها داخلياً وخارجيا.
إننا مطالبون بالعمل على سد كل الطرق أمام الذين يتحينون أى فرصة لإشعال جذوة حرب العداوة الموجهة ضد الدين الإسلامى الذى تعظم مبادئه السامية التسامح والموعظة الحسنة. التعامل مع مثل هذه الاتهامات يجب ان يستند الي نصوص واضحة وجازمة في القرآن الكريم.
من المؤكد أن التصدى لمحاولات التشويه التى يتعرض لها الدين الحنيف تحتاج إلى مزيد من جهد العلماء المجددين المستنيرين الذين يؤمنون بسنة التطور والتحديث. ليس ما أقوله دعوة للتخلى عما يجب أن تكون عليه نظرة اي انسان للقيم والمبادىء الدينية وما لها من جلال وتعظيم واحترام.. وإنما ولصالح هذا الدين العظيم فإنه مطلوب أن يكون هناك موقف يقوم علي الفكر الديني المتجدد وحرية التعبير. كل هذا ممكن ان يتم دون الاخلال بمتطلبات الحفاظ على الاجلال والتبجيل والهيبة. لا جدال أن الوصول إلى هذا الهدف هو بمثابة خيط رفيع يتطلب المزيد من التعمق الدينى. يضاف إلى ذلك ضرورة الإيمان بروح مبادىء الدين التى تتماشى مع الحكمة الإلهية التى راعت متطلبات التطور التى يمكن ان تشهده الحياة.
علينا ونحن نعمل على حماية مقدساتنا وقيمنا الدينية التى تعد من أهم اهتماماتنا كمسلمين أن نضع ضمن انظارنا ضرورة التصدى لمحاولات المتربصين بالدين وتشويه صورة المسلمين. حول هذا الأمر يبرز أمام أعيننا تلك الحملات الموجهة للاسلام والمسلمين بسبب ما يقوم به خوارج الدين الجهلة بمبادئه وقيمه من أعمال إرهاب.
لا أحد ينكر ما يتعرض له هذا الدين نتيجة هذه الأعمال التى تتعمد استخدام الدين لخدمة أهداف لا علاقة لها بالدين أو مبادئه.