حتى فى أيام مبارك لم يكونوا بهذه البجاحة! كانوا متفرغين لمهمتهم الأساسية وهى نهب أراضى الدولة والاستيلاء على المال العام، واستغلال «الخصخصة» للاستحواذ على أموال القطاع العام بصفقات فاسدة، وبأموال البنوك العامة كما حدث فى حديد الدخيلة الذى لم يكلف الأخ عز شيئا لكى يضمه لأمواله الخاصة!
كانوا يعرفون أنهم قلة، وأنه حتى غالبية المستثمرين الشرفاء لا يقفون معهم. وكانوا كلما أغرقوا فى الفساد أخذوا معهم النظام إلى نهايته المحتومة.
ولأننا لم نحاسب أحداً على جرائمه قبل الثورة، فإن غاية ما فعلناه هو إصدار قانون التصالح الذى يتيح للصوص المال العام ان يتحولوا إلى شرفاء محترمين إذا ردوا بعض ما يمكننا إثباته من سرقاتهم التى يعرف الجميع أن معظمها كان يتم تحت مظلة زواج السلطة بالثروة التى تعطى شرعية زائفة لأسوأ الجرائم فى حق الوطن!
والنتيجة أن الحيتان تعود اليوم وهى أكثر شراسة، تتصور أنها قادرة على تحقيق كل أطماعها فى ظل الظروف التى يمر بها الوطن الذى يقاتل على كل الجبهات.. يواجه الإرهاب، وميراث سنوات الفساد، وأزمة مالية طارئة بسبب عجز الموارد ومؤامرات أعداء الداخل والخارج.
تتصور هذه الحيتان الفاسدة أنها قادرة على الضغط على النظام لتحقيق مصالحها حتى لو تعارضت مع مصالح الأغلبية الساحقة من أبناء الوطن. تعرف حيتان الفساد أنها تملك العديد من أدوات التأثير بالإضافة إلى ما اكتنزته من أموال، تملك الآن نفوذا فى البرلمان وتكتلات إعلامية، وممثلين فى بعض مواقع السلطة، وتملك تصورا جاهلا بأنها تستطيع أن تفرض شروطها، وأن تستغل الأزمة التى تمر بها الدولة لتحقيق كل ما تريده، وتزداد شراهة هذه الحيتان كلما حصلت على شىء مما تريد!
تم إلغاء ضرائب البورصة، وتخفيض الحد الأقصى على الضرائب، وإلغاء مشروع الضريبة على أصحاب الملايين.. فطالبوا بالمزيد!
تم تخفيض سعر الغاز على مصانع الحديد أخيراً.. فرفعت الأسعار على المواطنين!
انفتحت أمامهم أبواب الاستيراد، فأغرقونا بزبالة البضائع، وجعلونا نأكل القمح بالحشرات والأغذية منتهية الصلاحية! ووضعنا قيوداً على استيراد السلع الترفيهية، فذهبوا للمضاربة على الدولار.. انتظاراً لتراجع الحكومة واستعداداً لفتح أبواب الاستيراد على البحرى!
خفضنا سعر الجنيه، فتركوا الغلابة يدفعون فواتير الغلاء، بينما راكموا مليارات الجنيهات من المضاربة والتلاعب، ثم بدأوا فى طلب المزيد.
نريد استثماراً وطنياً يبنى ويربح ويحقق مصالحه مع مصالح الوطن، لن يحدث ذلك إلا إذا أغلقنا ملفات الفاسدين بعد حسابهم على جرائمهم، لن يستطيع مستثمر شريف أن يدخل السوق مطمئنا لحكم القانون.. بينما حيتان الفساد مازالت طليقة!